وَحَبْسُهُمْ وَلَوْ لَمْ يُقَاتِلُوا حَقِيقَةً؛ لأَِنَّ الْعَزْمَ عَلَى الْخُرُوجِ مَعْصِيَةٌ يَنْبَغِي زَجْرُهُمْ عَنْهَا؛ فَضْلاً عَنْ أَنَّهُمْ لَوْ تُرِكُوا لأََفْسَدُوا فِي الأَْرْضِ وَفَاتَ دَفْعُ شَرِّهِمْ (?).
الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَخْذُهُمْ أَثْنَاءَ الْقِتَال: إِذَا أُمْسِكَ الْبُغَاةُ أَثْنَاءَ الْقِتَال حُبِسُوا، وَلاَ يُطْلَقُ سَرَاحُهُمْ إِنْ خِيفَ انْحِيَازُهُمْ إِلَى فِئَةٍ أُخْرَى أَوْ عَوْدَتُهُمْ لِلْقِتَال. وَسَبَبُ حَبْسِهِمْ كَسْرُ قُلُوبِ الآْخَرِينَ وَتَفْرِيقُ جَمْعِهِمْ (?).
الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ: تَتَبُّعُهُمْ بَعْدَ الْقِتَال وَحَبْسُهُمْ: اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ تَتَبُّعِ الْبُغَاةِ الْهَارِبِينَ وَحَبْسِهِمْ، وَلَهُمْ فِي هَذَا قَوْلاَنِ:
الْقَوْل الأَْوَّل: يَجُوزُ لِلإِْمَامِ تَتَبُّعُهُمْ وَحَبْسُهُمْ إِنْ كَانَ لَهُمْ فِئَةٌ يَنْحَازُونَ إِلَيْهَا، وَهَذَا قَوْل الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ. وَنُسِبَ إِلَى أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الإِْمَامَ يَتَتَبَّعُهُمْ وَيَحْبِسُهُمْ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ فِئَةٌ. وَبِهِ قَال بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ (?).
الْقَوْل الثَّانِي: لاَ يَجُوزُ لِلإِْمَامِ تَتَبُّعُهُمْ وَحَبْسُهُمْ، وَلَوْ كَانَ لَهُمْ فِئَةٌ يَنْحَازُونَ إِلَيْهَا؛ لأَِنَّ الْمَقْصُودَ دَفْعُهُمْ وَقَدْ حَصَل. وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ وَقَوْل الشَّافِعِيِّ وَأَبِي يُوسُفَ وَالْمَنْقُول عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (?).
لِلْفُقَهَاءِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ فِي وَقْتِ الإِْفْرَاجِ عَنِ الْبُغَاةِ الْمَحْبُوسِينَ:
الْقَوْل الأَْوَّل: يَجِبُ الإِْفْرَاجُ عَنْهُمْ بَعْدَ تَوَقُّفِ الْقِتَال، وَلاَ يَجُوزُ اسْتِمْرَارُ حَبْسِهِمْ. لَكِنْ يُشْتَرَطُ عَلَيْهِمْ أَنْ لاَ يَعُودُوا إِلَى الْقِتَال. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ وَأَحَدُ قَوْلَيِ الْحَنَابِلَةِ.
الْقَوْل الثَّانِي: يَجُوزُ حَبْسُهُمْ بَعْدَ الْقِتَال وَلاَ يُخَلَّى عَنْهُمْ إِلاَّ بِظُهُورِ تَوْبَتِهِمْ لِدَفْعِ شَرِّهِمْ، وَعَلاَمَةُ ذَلِكَ عَوْدَتُهُمْ إِلَى الطَّاعَةِ. وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَقَوْل بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ.