وَرُوِيَ عَنْ شُرَيْحٍ الْقَاضِي قَوْلُهُ: لاَ يُحْبَسُ الْكَفِيل إِذَا غَابَ الْمَكْفُول حَيْثُ لاَ يَجِبُ عَلَيْهِ إِحْضَارُهُ (?).
ثَانِيًا: حَبْسُ الْكَفِيل بِالنَّفْسِ:
تُعْرَفُ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ أَيْضًا بِكَفَالَةِ الْوَجْهِ وَالْبَدَنِ، وَهِيَ ثَلاَثَةُ أَنْوَاعٍ:
النَّوْعُ الأَْوَّل: الْكَفَالَةُ بِذَاتِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ بَعْدَ شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ يُنْتَظَرُ تَزْكِيَتُهُمَا، وَهَذِهِ غَيْرُ جَائِزَةٍ بِالإِْجْمَاعِ، بَل يُحْبَسُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لاِسْتِكْمَال الإِْجْرَاءَاتِ؛ لأَِنَّ الْحُدُودَ لاَ تُسْتَوْفَى مِنَ الْكَفِيل إِذَا تَعَذَّرَ إِحْضَارُ الْمَكْفُول، فَضْلاً عَنْ أَنَّهَا لاَ تَقْبَل النِّيَابَةَ.
النَّوْعُ الثَّانِي: الْكَفَالَةُ بِإِحْضَارِ نَفْسِ مَنْ عَلَيْهِ قِصَاصٌ أَوْ حَدٌّ لآِدَمِيٍّ، كَقَذْفٍ إِلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ، وَهَذِهِ جَائِزَةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ دُونَ غَيْرِهِمْ؛ لأَِنَّ فِيهَا حَقَّ الْعَبْدِ، وَيَحْتَمِل إِسْقَاطُهُ مِمَّنْ لَهُ الْحَقُّ.
النَّوْعُ الثَّالِثُ: الْكَفَالَةُ بِالْمَال وَهِيَ جَائِزَةٌ عِنْدَ جُمْهُورِ فُقَهَاءِ الأَْمْصَارِ، فَيَجُوزُ كَفَالَةُ الْمَحْبُوسِ أَوْ مُسْتَحِقِّ الْحَبْسِ فِي ذَلِكَ (?).
أَحْوَال الْكَفِيل بِالنَّفْسِ:
تَنْتَظِمُ أَحْوَال الْكَفِيل بِالنَّفْسِ الْحَالاَتِ التَّالِيَةَ:
الْحَالَةَ الأُْولَى: إِذَا تَعَهَّدَ الْكَفِيل بِإِحْضَارِ الْمَكْفُول مِنْ غَيْرِ ضَمَانِ الْمَال، أَوْ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْكَفَالَةِ، فَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ يُحْبَسُ لِمُمَاطَلَتِهِ إِذَا انْقَضَتِ الْمُدَّةُ وَلَمْ يُحْضِرِ الْمَكْفُول، وَلاَ يُقْبَل مِنْهُ بَذْل الْمَال عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لاِشْتِرَاطِهِ إِحْضَارَ النَّفْسِ لاَ غَيْرِهَا، وَالْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ. وَمَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ لاَ يُحْبَسُ بَل يُلْزَمُ بِإِحْضَارِ الْمَكْفُول، أَوْ يَغْرَمُ الْمَال (?).