الأَْحْوَال الَّتِي يُشْرَعُ فِيهَا الْحَبْسُ:

حَالاَتُ الْحَبْسِ بِسَبَبِ الاِعْتِدَاءِ عَلَى النَّفْسِ وَمَا دُونَهَا:

أ - حَبْسُ الْقَاتِل عَمْدًا لِعَدَمِ الْمُكَافَأَةِ فِي الدَّمِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَقْتُول:

مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ وَابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ حَبْسُ الْقَاتِل عَمْدًا سَنَةً وَضَرْبُهُ مِائَةً إِذَا سَقَطَ الْقِصَاصُ بِعَدَمِ التَّكَافُؤِ كَالْحُرِّ يَقْتُل الْعَبْدَ، وَالْمُسْلِمُ يَقْتُل الذِّمِّيَّ أَوِ الْمُسْتَأْمَنَ؛ فعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَجُلًا قَتَلَ عَبْدَهُ مُتَعَمِّدًا فَجَلَدَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -،مِائَةَ جَلْدَةٍ وَنَفَاهُ سَنَةً وَمَحَا سَهْمَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يُقِدْهُ بِهِ وَأَمَرَهُ أَنْ يُعْتِقَ رَقَبَةً" (?).

وعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،بِرَجُلٍ قَتَلَ عَبْدَهُ مُتَعَمِّدًا فَجَلَدَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِائَةً، وَنَفَاهُ سَنَةً، وَمَحَا سَهْمَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يُقِدْهُ بِهِ" (?)

وَنُقِل عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا نَحْوُ ذَلِكَ، وَمِثْلُهُ فَعَل عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحِمَهُ اللَّهُ.

وَلاَ يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ الْحَبْسَ هُنَا، بَل ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى وُجُوبِ الْقِصَاصِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ تَجِبُ الدِّيَةُ فَقَطْ (?).

ب - حَبْسُ الْقَاتِل الْمَعْفُوِّ عَنْهُ فِي الْقَتْل الْعَمْدِ:

مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ (الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ) وَبَعْضِ فُقَهَاءِ السَّلَفِ كَأَبِي ثَوْرٍ وَإِسْحَاقَ وَعَطَاءٍ وَابْنِ رُشْدٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ الْقَاتِل عَمْدًا لاَ يُحْبَسُ إِذَا عُفِيَ عَنْهُ، إِلاَّ إِذَا عُرِفَ بِالشَّرِّ فَيُؤَدِّبُهُ الإِْمَامُ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى فِي قَوْل أَبِي ثَوْرٍ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015