وَذَهَبَ الْقَاضِي شُرَيْحٌ وَأَبُو يُوسُفَ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ إِلَى مَنْعِ الْحَبْسِ بِتُهَمَةٍ إِلاَّ بِبَيِّنَةٍ تَامَّةٍ، وَرُوِيَ أَنَّ شُرَيْحًا اسْتَحْلَفَ مُتَّهَمًا - بِأَخْذِ مَال رَجُلٍ غَنِيٍّ مَاتَ فِي سَفَرٍ - وَخَلَّى سَبِيلَهُ (?).

وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ لاَ يَأْخُذُ النَّاسَ بِالْقَرْفِ (التُّهَمَةِ).فَإِذَا اضْطُرَّ الْقَاضِي إِلَى بَعْضِ الْحَالاَتِ يَأْخُذُ مِنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَفِيلاً لِيُمْكِنَهُ إِحْضَارُهُ (?).وَذَكَرَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ:" وَمَا يَتَعَلَّقُ بِمَا نَحْنُ فِيهِ أَنَّ الْمُتَعَلِّقِينَ بِضَبْطِ الْأَحْوَالِ عَلَى حُكْمِ الِاسْتِصْوَابِ فِي كُلِّ بَابٍ، يَرَوْنَ رَدْعَ أَصْحَابِ التُّهَمِ قَبْلَ إِلْمَامِهِمْ بِالْهَنَاتِ، وَالسَّيِّئَاتِ، وَالشَّرْعُ لَا يُرَخِّصُ فِي ذَلِكَ." (?)

وعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ قَالَ: انْطَلَقْت فِي رَكْبٍ حَتَّى إذَا جِئْنَا ذَا الْمَرْوَةِ سُرِقَتْ عَيْبَةٌ لِي، وَمَعَنَا رَجُلٌ مُتَّهَمٌ، فَقَالَ أَصْحَابِي: يَا فُلَانُ اُرْدُدْ عَلَيْهِ عَيْبَتَهُ؟ فَقَالَ: مَا أَخَذْتهَا: فَرَجَعْت إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَأَخْبَرْته، فَقَالَ: مَنْ أَنْتُمْ؟ فَعَدَدْتهمْ، فَقَالَ: أَظُنُّهَا صَاحِبُهَا لِلَّذِي أَتَّهِمُ؟ فَقُلْت: لَقَدْ أَرَدْت يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ تَأْتِيَ بِهِ مُصَفَّدًا، فَقَالَ عُمَرُ: أَتَأْتِي بِهِ مَصْفُودًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ، لَا أَكْتُبُ لَك فِيهَا، وَلَا أَسْأَلُك عَنْهَا، وَغَضِبَ وَمَا كَتَبَ لِي فِيهَا، وَلَا سَأَلَ عَنْهَا، فَأَنْكَرَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنْ يُصَفَّدَ أَحَدٌ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ. (?).

الْجِهَةُ الَّتِي يَحِقُّ لَهَا الْحَبْسُ بِتُهَمَةٍ:

لِلْفُقَهَاءِ قَوْلاَنِ فِيمَنْ يَمْلِكُ سُلْطَةَ الْحَبْسِ بِتُهَمَةٍ:

الْقَوْل الأَْوَّل: لَيْسَ لِلْقَاضِي الْحَبْسُ بِتُهَمَةٍ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِلْوَالِي، وَهَذَا قَوْل الزُّبَيْرِيِّ صَاحِبِ الشَّافِعِيِّ وَالْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِمَا، وَطَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ، وَالْقَرَافِيِّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ. وَحُجَّتُهُمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015