بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن السجن والحبس قد عرفته البشرية في تاريخها الطويل، وكان السجين يسام أشد أنواع العذاب قبل الإسلام، وليس له أية حقوق ...
ولما جاء الإسلام خاتمة الرسالات السماوية ضبط هذا الأمر ضبطاً محكماً، لأنه من عند الله تعالى العليم الحكيم، الذي لا يحابي أحدا من خلقه، وقد فصل الفقهاء أحكام السجن والحبس، من حيث المشروعية، ومن حيث الشروط ومن حيث حقوق المتهم، وحقوق السجين، فصار عندنا فقه دقيق ومفصل في هذا المجال، وفي كل مجالات الحياة .... ليس له مثيل في العالم كله ...
وما حصل من بعض الخروقات الطفيفة في بعض العصور الإسلامية، فهي لا تمثل الإسلام، وصارت سبة على فاعليها أبد الدهر .....
والسجن عقوبة من العقوبات التي شرعها الإسلام إما لردع الجاني عن الجريمة أو تهذيباً له، أو لرد حقوق الناس، ولكنه ليس عقوبة أساسية، بل هو عقوبة تعزيرية، ولا تنوب عن إقامة الحدود الشرعية التي ورد ذكرها في القرآن والسنة ... وهي الزنا، والقذف، وشرب المسكر، والسرقة، والحرابة، والبغي، والردة، والقتل العمد الموجب للقصاص.
والسجن لا يمكن أن يكون بديلاً عن الحدود الشرعية أبداً ....
والدول التي ليس عندها من العقوبات إلا السجن لم تصلح مجرما ولم تمنع جريمة، بل ازدادت الجرائم فيها بشكل مخيف ...
وبالرغم من وجود قوانين دولية تنص على حقوق الإنسان، بما فيها المسجون، إلا أن هذه الحقوق لا تعدو أكثر من حبر على ورق، ولا تلتزم بها معظم الدول حتى الذين صاغوها