[تَوْجِيهُ] الْخِلَافِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ، وَلَمْ يَجْعَلُوا دُخُولَ الْحُرِّ تَحْتَ الْيَدِ مُخْتَلَفًا فِيهِ، بَلِ اتَّفَقُوا عَلَى عَدَمِهِ، وَلَكِنْ مَنْ جَوَّزَ إِجَارَةَ الْمُسْتَأْجَرِ، وَقَرَّرَ الْأُجْرَةَ، بَنَى الْأَمْرَ عَلَى الْحَاجَةِ وَالْمَصْلَحَةِ، وَجَعَلَ الْغَزَالِيُّ الْخِلَافَ فِي الْمَسَائِلِ مَبْنِيًّا عَلَى التَّرَدُّدِ فِي دُخُولِهِ تَحْتَ الْيَدِ وَلَمْ نَرَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ." (?)
وجاء في كتب الحنابلة ما يخالف هذا، وهو أن من حبس حرا عن العمل لزمته أجرته ولو لم يستخدمه، كما في الفتوى رقم:46311.
وفي الفروع:"وَلَا يَضْمَنُ حُرٌّ وَقِيلَ كَبِيرٌ بِغَصْبِهِ، فِي الْأَصَحِّ، وَفِي ثِيَابِهِ الَّتِي لَمْ يَنْزِعْهَا عنه وأجرته مُدَّةَ حَبْسِهِ وَإِيجَارِ الْمُسْتَأْجِرِ لَهُ وَجْهَانِ، وَلَوْ اسْتَخْدَمَهُ كَرْهًا لَزِمَتْهُ أُجْرَتُهُ وَلَوْ مَنَعَهُ الْعَمَلَ وَلَوْ عَبْدًا فَلَا، وَيَتَوَجَّهُ بَلَى فِيهِمَا." (?)
وفي الروض:" (وإن استولى على حر) كبير أو صغير (لم يضمنه)؛لأنه ليس بمال، (وإن استعمله كرها) فعليه أجرته؛ لأنه استوفى منافعه وهي متقومة، (أو حبسه) مدة لمثلها أجرة (فعليه أجرته)؛لأنه فوت منفعته وهي مال يجوز أخذ العوض عنها، وإن منعه العمل من غير غصب أو حبس لم يضمن منافعه." (?)
وعلى هذا الرأي الأخير وهو الذي نراه فلك أن تطالب الجهة التي حبستك ظلما بالتعويض عن الحبس، أما التعويض عن الحرمان أو الآلام النفسية أو تفويت الفرصة ونحو ذلك فليس لك المطالبة به، وإنما لك الحق في رفع أمر من وقع منه ذلك إلى ولي الأمر ليؤدبه الأدب المناسب لاعتدائه عليك، وأما مسألة التشدد في الدين وبعدك عن ذلك، فنقول إن التشدد في الدين مذموم بل في كل شيء، ولكن التشدد له ضوابط وليس بمزاج المرء وهواه. وضابطه مجاوزة الحد الشرعي في العبادة أو غيرها، قال تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} [النساء:171].