عقابها النصح والتوبيخ والغرامة والحبس مع إيقاف التنفيذ، فتكون النتيجة أن لا يحبس فعلاً إلا في حوالي 5% من مجموع الجرائم، وهذه نتيجة لا يمكن الوصول إليها إلا بتطبيق نظرية الشريعة الإسلامية في العقاب.
وإذا قلت الجرائم التي يحكم فيها بالحبس إلى هذا الحد فإن عدد المحبوسين يصبح قليلاً جداً، وبذلك تنحل مشكلة اختلاط المسجونين وما ينشأ عنها من فساد الأخلاق والصحة ونشر وسائل الإجرام، كما تقل جرائم العود التي لا يشجع عليها إلا وجود المحابس والاستخفاف بعقوبة الحبس.
وإذا علمنا أن الجرائم القليلة التي يحكم فيها بالحبس حبساً محدد المدة هي جرائم تافهة من مجرمين غير خطرين تأكد لدينا أن الحبس في هذه الجرائم سيكون لمدد قليلة ولن يؤدي إلى نشر عدوى الإجرام ولا إلى فساد الأخلاق، وحتى إذا وجدت هذه المساوئ فلن يكون لها أثر خطير على المجرمين وعلى الأمن العام لقلة عدد المسجونين وقلة خطورتهم؛ ولأن المجرم لا يضمن أن يعاقب مرة ثانية بعقوبة الحبس. أما المجرمون الخطرون فهؤلاء تقضي عليهم الشريعة بالحبس غير المحدد المدة مهما كان نوع الجريمة المنسوب إليهم؛ لأن ارتكاب الجاني لأية جريمة مهما كانت بسيطة معناه أنه لا يزال على استعداد لإجرام وأن العقوبات السابقة لم تردعه.
ومن عيوب عقوبة الحبس في القوانين الوضعية أنه تقتل الشعور بالمسئولية في نفس المجرم، وتحبب إليه التعطل، وتزين له أن يعيش عالة على الناس يبتز أموالهم بالتهديد والتخويف.
وفي عقوبة الشريعة علاج هذا كله، بل إن علاجه في عقوبة الجلد وحدها؛ إذ الجلد يحط من قدر المجرم في عين نفسه فلا يعود لجريمته، كما يحط من قدره في عيون الناس فلا يهابونه ولا يخافون سلطانه ولا يكبر المجرم في عيونهم حتى يزاحم بسلطانه سلطان الحكومات.
ولو أننا تتبعنا ما ذكرناه من عيوب العقوبات الوضعية عيباً عيباً لوجدنا لكل عيب علاجه الناجع في تطبيق عقوبات الشريعة الإسلامية وتطبيق نظريتها في العقاب.