لَهُمُ الْوَلَايَةَ بِأَلْسِنَتِكُمْ، وَتُضْمِرُوا لَهُمُ الْعَدَاوَةَ، وَلَا تُشَايِعُوهُمْ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْكُفْرِ، وَلَا تُعِينُوهُمْ عَلَى مُسْلِمٍ بِفِعْلٍ] (?)
وقال الإمام ابن حزم -رحمه الله -: [وَكَذَلِكَ: مَنْ سَكَنَ بِأَرْضِ الْهِنْدِ، وَالسِّنْدِ، وَالصِّينِ، وَالتُّرْكِ، وَالسُّودَانِ وَالرُّومِ، مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ هُنَالِكَ لِثِقَلِ ظَهْرٍ، أَوْ لِقِلَّةِ مَالٍ، أَوْ لِضَعْفِ جِسْمٍ، أَوْ لِامْتِنَاعِ طَرِيقٍ، فَهُوَ مَعْذُورٌ.
فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ مُحَارِبًا لِلْمُسْلِمِينَ مُعِينًا لِلْكُفَّارِ بِخِدْمَةٍ، أَوْ كِتَابَةٍ: فَهُوَ كَافِرٌ - وَإِنْ كَانَ إنَّمَا يُقِيمُ هُنَالِكَ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا، وَهُوَ كَالذِّمِّيِّ لَهُمْ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى اللِّحَاقِ بِجَمْهَرَةِ الْمُسْلِمِينَ وَأَرْضِهِمْ، فَمَا يَبْعُدُ عَنْ الْكُفْرِ، وَمَا نَرَى لَهُ عُذْرًا - وَنَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ. وَلَيْسَ كَذَلِكَ: مَنْ سَكَنَ فِي طَاعَةِ أَهْلِ الْكُفْرِ مِنْ الْغَالِيَةِ؛ وَمَنْ جَرَى مَجْرَاهُمْ، لِأَنَّ أَرْضَ مِصْرَ وَالْقَيْرَوَانِ، وَغَيْرَهُمَا، فَالْإِسْلَامُ هُوَ الظَّاهِرُ، وَوُلَاتُهُمْ عَلَى كُلِّ ذَلِكَ لَا يُجَاهِرُونَ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ الْإِسْلَامِ، بَلْ إلَى الْإِسْلَامِ يَنْتَمُونَ، وَإِنْ كَانُوا فِي حَقِيقَةِ أَمْرِهِمْ كُفَّارًا. وَأَمَّا مَنْ سَكَنَ فِي أَرْضِ الْقَرَامِطَةِ مُخْتَارًا فَكَافِرٌ بِلَا شَكٍّ، لِأَنَّهُمْ مُعْلِنُونَ بِالْكُفْرِ وَتَرْكِ الْإِسْلَامِ - وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ ذَلِكَ.] (?)
فتأمل كلام هذا الإمام ثم قارنه بما يصدر في هذا العصر من فتاوى ضالة تجيز للمنتسبين للإسلام المنضوين تحت لواء أهل الصليب بأن يقاتلوا المسلمين في أفغانستان إن خافوا أن يتهموا في (ولائهم الوطني) (?) وحتى لا تضيع جهود عشرات السنوات من الدعوة، ولَزوال الدنيا أهون عند الله من سفك دم مسلمٍ بغير حقٍ فأين أين تذهبون؟ ولسنا ندري أين ذهب الحرص على الولاء الوطني في حق أولئك الذين خرجوا مع قومهم -مدعين الاستضعاف- فأنزل الله فيهم وفي أمثالهم: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء/97]
فالإمام أبو علي ابن حزم -رحمه الله- قد ذكر صورتين وفرق بينهما: