قَطْعِيَّةُ الدُّخُولِ، فَلَا يَصِحُّ إِخْرَاجُهَا بِمُخَصَّصٍ، وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا ظَنِّيَّةُ الدُّخُولِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي «مَرَاقِي السُّعُودِ» بِقَوْلِهِ:

وَاجْزِمْ بِإِدْخَالِ ذَوَاتِ السَّبَبِ ... وَارْوِ عَنِ الْإِمَامِ ظَنًّا تُصِبِ" (?)

ففي الآية المذكورة ينهى الله تعالى عباده المؤمنين عن أن يتخذوا أعداءه من المشركين أنصاراً بدلالتهم على ما ينتفعون به من أخبار المسلمين، وما يمكن أن يوقع الضرر والأذية بإخوانهم، وأن من فعل ذلك فقد اتخذهم أولياء، ومن اتخذهم أولياء فقد ضل سواء السبيل وذلك هو الخسران المبين.

قال الإمام ابن جرير -ر حمه الله -: [يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِلْمُؤْمِنِينَ بِهِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ يَعْنِي أَنْصَارًا.] (?)

وقال الله تعالى: {فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ} [القصص/86] قال العلامة ابن عاشور-رحمه الله-: [وَالظَّهِيرُ: الْمُعِينُ. وَالْمُظَاهَرَةُ: الْمُعَاوَنَةُ، وَهِيَ مَرَاتِبُ أَعْلَاهَا النُّصْرَةُ وَأَدْنَاهَا الْمُصَانَعَةُ وَالتَّسَامُحُ، لِأَنَّ فِي الْمُصَانَعَةِ عَلَى الْمَرْغُوبِ إِعَانَةً لِرَاغِبِهِ. فَلَمَّا شَمِلَ النَّهْيُ جَمِيعَ أَكْوَانِ الْمُظَاهَرَةِ لَهُمُ اقْتَضَى النَّهْيُ عَنْ مُصَانَعَتِهِمْ وَالتَّسَامُحِ مَعَهُمْ، وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ الْأَمْرَ بِضِدِّ الْمُظَاهَرَةِ فَيَكُونُ كِنَايَةً عَنِ الْأَمْرِ بِالْغِلْظَةِ عَلَيْهِمْ كَصَرِيحِ قَوْلِهِ تَعَالَى وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ [التَّوْبَة:73].] (?)

وبما أن دلالة القرآن والسنة معاً تنص على دخول التجسس للكفار في مسمى الموالاة المنهي عنها فإن كل آية وردت في كتاب الله تعالى تنهى عن اتخاذ الكافرين أولياء وتحذر من ذلك يدخل فيها دخولاً مؤكداً التجسسُ لهم على المسلمين، ولا فرق بين أن يكون ذلك الكافر وثنياً مشركاً، أو يهودياً، أو نصرانياً، أو مجوسياً، أو شيوعياً، أو هندوسياً، أو بوذياً، أو مرتداً، أو غيرهم من النحل الكافرة التي لم تزل تتولد، فهؤلاء كلهم يشملهم الوصف الذي جاء في آية الممتحنة من قوله تعالى (عدوي وعدوكم)،فما من كافر إلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015