وفي رواية عند مسلم عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَطْرُقَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ لَيْلًا يَتَخَوَّنُهُمْ، أَوْ يَلْتَمِسُ عَثَرَاتِهِمْ» (?)
قَوْلُهُ (يَتَخَوَّنُهُمْ أَوْ يَطْلُبُ عَثَرَاتِهِمْ) هَكَذَا بِالشَّكِّ، وَقَالَ سُفْيَانُ: لَا أَدْرِي هَكَذَا فِي الْحَدِيثِ أَمْ لَا، يَعْنِي: يَتَخَوَّنُهُمْ أَوْ يَطْلُبُ عَثَرَاتِهِمْ، وَالتَّخَوُّنُ أَنْ يَظُنَّ وُقُوعَ الْخِيَانَةِ لَهُ مِنْ أَهْلِهِ، وَعَثَرَاتِهِمْ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ جَمْعُ عَثْرَةٍ: وَهِيَ الزَّلَّةُ. وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَا تَلِجُوا عَلَى المُغِيبَاتِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ أَحَدِكُمْ مَجْرَى الدَّمِ» (?)
وأما تبرير الزوج بأنه يتجسس على زوجته من باب الغيرة، فهذه الغيرة مذمومة، وقد ورد في الحديث عَنْ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " إِنَّ مِنَ الْغَيْرَةِ مَا يُحِبُّ اللهُ، وَمِنْهَا مَا يُبْغِضُ اللهُ، وَمِنَ الْخُيَلَاءِ مَا يُحِبُّ اللهُ، وَمِنْهَا مَا يُبْغِضُ اللهُ، فَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يُحِبُّ اللهُ، فَالْغَيْرَةُ فِي رِيبَةٍ، وَأَمَّا الَّتِي يُبْغِضُ اللهُ، فَالْغَيْرَةُ فِي غَيْرِ الرِّيبَةِ، وَأَمَّا الْخُيَلَاءُ الَّتِي يُحِبُّ اللهُ أَنْ يَتَخَيَّلَ الْعَبْدُ بِنَفْسِهِ لِلَّهِ عِنْدَ الْقِتَالِ، وَأَنْ يَتَخَيَّلَ بِالصَّدَقَةِ " (?)
والغيرة من غير ريبة نوع من الإفراط، وأما التفريط في الغيرة فهو من لا يغار على زوجته ومحارمه مع وجود الريبة، فهذا ينطبق عليه وصف الديوث الوارد في الحديث، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " ثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ أَبَدًا: الدَّيُّوثُ مِنَ الرِّجَالِ، وَالرَّجُلَةُ مِنَ النِّسَاءِ، وَمُدْمِنُ الْخَمْرِ ". فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ أَمَّا مُدْمِنُ الْخَمْرِ فَقَدْ عَرَفْنَاهُ، فَمَا الدَّيُّوثُ مِنَ الرِّجَالِ؟، قَالَ: " الَّذِي لَا يُبَالِي مَنْ دَخَلَ عَلَى أَهْلِهِ ". قُلْنَا: فَالرَّجُلَةُ مِنَ النِّسَاءِ؟، قَالَ: " الَّتِي تَشَبَّهُ بِالرِّجَالِ " (?)
والدياثة من كبائر الذنوب (?)