يَسْتَمْسِكُ لَنَا بِنَاءٌ، فَارْتَحِلُوا فَإِنِّي مُرْتَحِلٌ، ثُمَّ قَامَ إِلَى جَمَلِهِ وَهُوَ مَعْقُولٌ فَجَلَسَ عَلَيْهِ، ثُمَّ ضَرَبَهُ فَوَثَبَ عَلَى ثَلَاثٍ، فَمَا أُطْلِقَ مِنْ عِقَالِهِ إِلَّا وَهُوَ قَائِمٌ، وَلَوْلَا عَهْدُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَيَّ أَنْ لَا أَتَحَدَّثَ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنِي، ثُمَّ شِئْتُ لَقَتَلْتُهُ بِسَهْمٍ قَالَ حُذَيْفَةُ: فَرَجَعْتُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ قَامَ يُصَلِّي فِي مِرْطٍ لِبَعْضِ نِسَائِهِ مُرَجِّلٍ، فَلَمَّا رَآنِي أَدْخَلَنِي إِلَى رَحْلَيْهِ، وَطَرَحَ عَلَيَّ طَرَفَ الْمِرْطِ، ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ، وَإِنِّي لَفِيهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ أَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ وَسَمِعَتْ غَطَفَانَ بِمَا صَنَعَتْ قُرَيْشٌ فَاسْتَمَرُّوا رَاجِعِينَ إِلَى بِلَادِهِمْ " (?)

فَهَذَا دَلِيل جَوَازِ التَّجَسُّسِ عَلَى الْكُفَّارِ فِي الْحَرْبِ.

وقد ثبت في السنة النبوية أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يرسل الأفراد والجماعات والسرايا لجمع المعلومات والتجسس على العدو، منها على سبيل المثال: سرية عبد الله بن جحش إلى وادي نخلة بين مكة والطائف للتجسس على قريش، وإرساله الزبير يوم الأحزاب إلى بني قريظة ...

ونظراً لما يقوم به الجاسوس من مهمة خطيرة، فقد رخص لعين المسلمين أن يموه على الأعداء حقيقته ومهمته، ولو استدعى ذلك التظاهر بالعداء للإسلام وأهله من أجل تضليل العدو، أو التظاهر بالولاء للعدو والتنكر بزيه ولباسه وحضور أماكن العبادة معه، وكل ما من شأنه أن يمنحه ثقتهم وأمانهم. وبالطبع فإن ذلك يستدعي حكمة ودهاء وحدساً صائباً من الجاسوس، ودراية بالعديد من الأمور واللغات أحياناً، وصبراً وجلداً وإخلاصاً لتحقيق مهمته بنجاح. (?)

تَجَسُّسُ الْحَاكِمِ عَلَى رَعِيَّتِهِ:

سَبَقَ أَنَّ الأَْصْل تَحْرِيمُ التَّجَسُّسِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} [الحجرات:12]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015