الشرعي المناسب لها وفقاً لطرق البحث والترجيح المنضبطة التي قعدها العلماء ونسأل الله الهداية والتوفيق والسداد ونعوذ به من الهوى والغي والضلال.
وإلا فهذا الواقع كما حكيناه وزيادة، فالتقتيل مستمر، والتنكيل متماد، والشر مستطير، والفساد مستفحل، والكفرة يواصلون تجنيد الجواسيس، والجواسيس منتشرون في كل مكان وهم لا يكفون شرهم، فمَن كان عنده فتوى أو بحث أو توجيه يعالج به هذه المسألة علاجاً ش رعياً عملياً ينزل به إلى الواقع بتفاصيله وأحداثه وحوادثه فليسعفنا به وإنا له لمن الشاكرين والله المستعان.
وفي نظير ذلك يقول العلامة ابن القيم -رحمه الله- في مسألة هي من صلب موضوعنا الذي نحن فيه وهو الحكم بالقرائن واعتبارها في بعض الأحيان بينات شرعية معتمدة في الأحكام: [وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ ":جَرَى فِي جَوَازِ الْعَمَلِ فِي السَّلْطَنَةِ بِالسِّيَاسَةِ الشَّرْعِيَّةِ: أَنَّهُ هُوَ الْحَزْمُ، وَلَا يَخْلُو مِنْ الْقَوْلِ بِهِ إمَامٌ.
فَقَالَ شَافِعِيٌّ: لَا سِيَاسَةَ إلَّا مَا وَافَقَ الشَّرْعَ. فَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: السِّيَاسَةُ مَا كَانَ فِعْلًا يَكُونُ مَعَهُ النَّاسُ أَقْرَبَ إلَى الصَّلَاحِ، وَأَبْعَدَ عَنْ الْفَسَادِ، وَإِنْ لَمْ يَضَعْهُ الرَّسُولُ - صلى الله عليه وسلم -،وَلَا نَزَلَ بِهِ وَحْيٌ، فَإِنْ أَرَدْت بِقَوْلِك:" إلَّا مَا وَافَقَ الشَّرْعَ " أَيْ لَمْ يُخَالِفْ مَا نَطَقَ بِهِ الشَّرْعُ: فَصَحِيحٌ.
وَإِنْ أَرَدْت: لَا سِيَاسَةَ إلَّا مَا نَطَقَ بِهِ الشَّرْعُ: فَغَلَطٌ، وَتَغْلِيطٌ لِلصَّحَابَةِ فَقَدْ جَرَى مِنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ الْقَتْلِ وَالتَّمْثِيلِ مَا لَا يَجْحَدُهُ عَالِمٌ بِالسُّنَنِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا تَحْرِيقُ عُثْمَانَ الْمَصَاحِفَ.
فَإِنَّهُ كَانَ رَأْيًا اعْتَمَدُوا فِيهِ عَلَى مَصْلَحَةِ الْأُمَّةِ، وَتَحْرِيقُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الزَّنَادِقَةَ فِي الْأَخَادِيدِ وَقَالَ:
لَمَّا رَأَيْت الْأَمْرَ أَمْرًا مُنْكَرًا ... أَجَّجْت نَارِي وَدَعَوْت قَنْبَرًا
وَنَفْيُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِنَصْرِ بْنِ حَجَّاجٍ. اهـ. وَهَذَا مَوْضِعُ مَزَلَّةِ أَقْدَامٍ، وَمَضَلَّةِ أَفْهَامٍ، وَهُوَ مَقَامٌ ضَنْكٌ، وَمُعْتَرَكٌ صَعْبٌ، فَرَّطَ فِيهِ طَائِفَةٌ، فَعَطَّلُوا الْحُدُودَ، وَضَيَّعُوا الْحُقُوقَ، وَجَرَّءُوا أَهْلَ الْفُجُورِ عَلَى الْفَسَادِ، وَجَعَلُوا الشَّرِيعَةَ قَاصِرَةً لَا