فتعريفات الفقهاء متقاربة ومعناها ظاهرٌ لا خفاء فيه، ومن خلالها يظهر أن المقصود بالجاسوس الذي يتناوله هذا البحث ليس هو الشخص الذي يطلع على عورات المسلمين فقط، وإنما الذي ينمي ويوصل تلك الأخبار التي يتحسسها ويبحث عنها إلى أعدائهم، فمقاصد الجواسيس متعددة، ودوافعهم مختلفة، فقد يكون محركه الحسد، أو الحقد، أو العداوة، أو التطفل، أو الفضول، أو الحرص على إيقاع الضرر، أو طلب الانتقام، أو حب المال، أو غير ذلك، إلا أن نتائج هذه الدوافع ومؤداها هو إيصال الأخبار إلى الأعداء وهذا عملٌ ظاهرٌ بغض النظر عن دوافعه، ومن هنا فإن التعريف - كما رأينا - يتعلق بهذا الأمر الظاهر وليس بما خفي من الأسباب والدوافع والمحركات والله تعالى أعلم.

وعليه فيمكن أن نضع تعريفاً للجاسوس المقصود في البحث فنقول: [هو الشخص الذي يطلع على عورات المسلمين وأخبارهم، ليوصلها إلى أعدائهم]. (?)

صفات الجاسوس:

فالجاسوس الذي نحاول البحث في حكمه هنا لا بد أن يكون مشتملاً على عدة أمور:

الأول: وجود الشخص أو الأشخاص الذين يمارسون هذا العمل الذي هو التجسس، وهو المحل الذي تقوم به هذه الصفة.

الثاني: قصد الفعل الذي يحصل به الاطلاع على الأخبار، بأن يتعمد ذلك ويتقصده ويسعى لبلوغ أسرارها وكشف أستارها، ولا عبرة بالطريقة التي يسلكها لذلك الغرض ولا بالوسيلة التي يستخدمها سواء كان بالتخفي والتنكر، أو المراقبة والتتبع، أو باستعمال معدات متطورة كالكاميرات وأجهزة التنصت ونحوها.

الثالث: أن يكون هذا التجسس والبحث عن عورات المسلمين وأخبارهم لا عن غيرهم، كالبحث عن مواطن ضعفهم التي يمكن من خلالها إيقاع الضرر بهم، أو أماكن وجود قادتهم وأمرائهم، أو التعرف على الطرق التي يسلكونها لتسليحهم وإمداداتهم، وغير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015