المبحث الثاني
الأحكام الفقهية للتجسس
تعريفهُ:
التَّجَسُّسُ لُغَةً: تَتَبُّعُ الأَْخْبَارِ، يُقَال: جَسَّ الأَْخْبَارَ وَتَجَسَّسَهَا: إِذَا تَتَبَّعَهَا، وَمِنْهُ الْجَاسُوسُ، لأَِنَّهُ يَتَتَبَّعُ الأَْخْبَارَ وَيَفْحَصُ عَنْ بَوَاطِنِ الأُْمُورِ، ثُمَّ اُسْتُعِيرَ لِنَظَرِ الْعَيْنِ. (?)
مصدر قولهم: تجسّس يتجسّس، وهو مأخوذ من مادّة (ج س س) الّتي تدلّ على تعرّف الشّيء بمسّ لطيف يقال: جسست العرق وغيره جسّا، والجاسوس فاعول من هذا لأنّه يتخبّر ما يريده بخفاء ولطف، وقال الرّاغب: أصل الجسّ: مسّ العرق وتعرّف نبضه للحكم به على الصّحّة والسّقم وهو أخصّ من الحسّ فإنّ الحسّ تعرّف ما يدركه الحسّ، ومن لفظ الجسّ اشتقّ الجاسوس، وقول الله تعالى وَلا تَجَسَّسُوا قرأها أبو رجاء والحسن وغيرهما ولا تحسّسوا (الحجرات/ 12) بالحاء
قال القرطبيّ: قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَلا تَجَسَّسُوا قَرَأَ أَبُو رَجَاءٍ وَالْحَسَنُ بِاخْتِلَافٍ وَغَيْرُهُمَا" وَلَا تَحَسَّسُوا" بِالْحَاءِ. وَاخْتُلِفَ هَلْ هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ أو بمعنيين، فقال الأخفش: ليس تَبْعُدُ إِحْدَاهُمَا مِنَ الْأُخْرَى، لِأَنَّ التَّجَسُّسَ الْبَحْثُ عَمَّا يُكْتَمُ عَنْكَ. وَالتَّحَسُّسُ] بِالْحَاءِ [طَلَبُ الْأَخْبَارِ وَالْبَحْثُ عَنْهَا. وَقِيلَ: إِنَّ التَّجَسُّسَ] بِالْجِيمِ [هُوَ الْبَحْثُ، وَمِنْهُ قِيلَ: رَجُلٌ جَاسُوسٌ إِذَا كَانَ يَبْحَثُ عَنِ الْأُمُورِ. وَبِالْحَاءِ: هُوَ مَا أَدْرَكَهُ الْإِنْسَانُ بِبَعْضِ حَوَاسِّهِ. وَقَوْلٌ ثَانٍ فِي الْفَرْقِ: أَنَّهُ بِالْحَاءِ تَطَلُّبُهُ لِنَفْسِهِ، وَبِالْجِيمِ أَنْ يَكُونَ رَسُولًا لِغَيْرِهِ، قَالَهُ ثَعْلَبٌ. وَالْأَوَّلُ أَعْرَفُ. جَسَسْتُ الْأَخْبَارَ وَتَجَسَّسْتُهَا أَيْ تَفَحَّصْتُ عَنْهَا، وَمِنْهُ الْجَاسُوسُ. وَمَعْنَى الْآيَةِ: خُذُوا مَا ظَهَرَ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ، أَيْ لَا يَبْحَثُ أَحَدُكُمْ عَنْ عَيْبِ أَخِيهِ حَتَّى يَطَّلِعَ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ سَتَرَهُ اللَّهُ. (?)