القول الرابع: أن أمره راجع إلى اجتهاد الإمام فيعاقبه بما يراه مناسباً من قتلٍ فما دونه، وهو قول الإمام مالك -رحمه الله-،وقريبٌ منه قول الإمام ابن عقيل الحنبلي -رحمه الله- حيث يرى جواز قتل الجاسوس المسلم.
القول الخامس: أن الجاسوس المسلم يقتل إذا تكرر منه الفعل، وهو قول عبد الملك بن الماجشون من المالكية.
القول السادس: التوقف وهو عن الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله-.
مع التنبيه أنه ليس هناك حديث خاص بما يعرف بالجاسوس المسلم إلا ما وقع من حاطب رضي الله تعالى عنه، فسائر العلماء اعتمدوا عليه في استنباط حكمه كلٌّ بما أداه إليه اجتهاده، وهذا آوان تفصيل أقوالهم وبيان ما يظهر رجحانه منها وعلى الله الاعتماد ومنه نستمد التوفيق والسداد.
القول الأول: أن الجاسوس المسلم لا يجوز قتله وهو مذهب الحنفية، والشافعية.
استدل أصحاب هذا القول بعدة أدلة:
منها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقتل حاطباً -رضي الله عنه- رغم جسه لأخباره، ولو كان واجباً لما تركه النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ومنها: ما جاء عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:" لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ " (?)
قالوا وليس الجاسوس المسلم واحداً من هؤلاء وعليه فيبقى على أصل الحرمة، إذ هو مسلمٌ يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.