وَلَوْ اسْتَأْجَرَ قَوْمًا مِنِ الْمُسْلِمِينَ يَجْذِفُونَ بِهِمْ فِي الْبَحْرِ فَهَذَا جَائِزٌ. لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ عَمَلِ الْجِهَادِ، وَهُوَ عَمَلٌ مَعْلُومٌ يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ إذَا لَقُوا الْعَدُوَّ أَوْ لَمْ يَلْقَوْهُمْ، وَأَنَّ الْمَلَّاحِينَ يَأْخُذُونَ الْأَجْرَ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ حَلَالٌ لَهُمْ." (?)

وقال أيضاً:"قَالَ: وَلَا بَأْسَ لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يُحَرِّقُوا حُصُونَ الْمُشْرِكِينَ بِالنَّارِ أَوْ يُغْرِقُوهَا بِالْمَاءِ وَأَنْ يَنْصِبُوا عَلَيْهَا الْمَجَانِيقَ، وَأَنْ يَقْطَعُوا عَنْهُمْ الْمَاءَ، وَأَنْ يَجْعَلُوا فِي مَائِهِمْ الدَّمَ وَالْعَذِرَةَ وَالسُّمَّ حَتَّى يُفْسِدُوهُ عَلَيْهِمْ.

لِأَنَّا أُمِرْنَا بِقَهْرِهِمْ وَكَسْرِ شَوْكَتِهِمْ؛ وَجَمِيعُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ تَدْبِيرِ الْحُرُوبِ مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ كَسْرُ شَوْكَتِهِمْ، فَكَانَ رَاجِعًا إلَى الِامْتِثَالِ، لَا إلَى خِلَافِ الْمَأْمُورِ، ثُمَّ فِي هَذَا كُلِّهِ نَيْلٌ مِنْ الْعَدُوِّ، وَهُوَ سَبَبُ اكْتِسَابِ الثَّوَابِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ} [التوبة:120].وَلَا يَمْتَنِعُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مَا يَكُونُ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِمْ مِنْ أَسْرَى، أَوْ مُسْتَأْمَنِينَ، صِغَارًا أَوْ كِبَارًا أَوْ نِسَاءً أَوْ رِجَالًا وَإِنْ عَلِمْنَا ذَلِكَ. لِأَنَّهُ لَا طَرِيقَ لِلتَّحَرُّزِ عَنْ إصَابَتِهِمْ مَعَ امْتِثَالِ الْأَمْرِ بِقَهْرِ الْمُشْرِكِينَ، وَمَا لَا يُسْتَطَاعُ الِامْتِنَاعُ مِنْهُ فَهُوَ عَفْوٌ.

وَإِنْ هَلَكَ بَعْضُ مَنْ ذَكَرْنَا بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَسْبَابِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015