الْمُسْلِمِينَ، جَازَ الرَّمْيُ وَالضَّرْبُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ ضَرُورَةٌ، بِأَنْ كَانُوا يَدْفَعُونَ بِهِمْ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَاحْتَمَلَ الْحَالُ تَرْكَهُمْ، فَطَرِيقَانِ. أَصَحُّهُمَا: عَلَى قَوْلَيْنِ، أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ رَمْيُهُمْ، كَمَا يَجُوزُ نَصْبُ الْمَنْجَنِيقِ عَلَى الْقَلْعَةِ وَإِنْ كَانَ يُصِيبُهُمْ، وَلِئَلَّا يَتَّخِذُوا ذَلِكَ ذَرِيعَةً إِلَى تَعْطِيلِ الْجِهَادِ. وَالثَّانِي: الْمَنْعُ، وَهَذَا أَصَحُّ عِنْدَ الْقَفَّالِ. وَمَالَ إِلَى تَرْجِيحِ الْأَوَّلِ مَائِلُونَ.
وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: الْقَطْعُ بِالْجَوَازِ وَرَدُّ الْمَنْعِ إِلَى الْكَرَاهَةِ، وَقِيلَ: فِي الْكَرَاهَةِ عَلَى هَذَا قَوْلَانِ، وَلَوْ تَتَرَّسُوا بِهِمْ فِي الْقَلْعَةِ، فَقِيلَ: هَذِهِ الصُّورَةُ أَوْلَى بِالْجَوَازِ، لِئَلَّا يُتَّخَذَ ذَلِكَ حِيلَةً إِلَى اسْتِبْقَاءِ الْقِلَاعِ لَهُمْ، وَفِي ذَلِكَ فَسَادٌ عَظِيمٌ، وَقِيلَ: قَوْلَانِ، وَإِنْ عَجَزْنَا عَنِ الْقَلْعَةِ إِلَّا بِهِ.
قُلْتُ: الرَّاجِحُ فِي الصُّورَتَيْنِ، الْجَوَازُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ كَانَ فِي الْبَلْدَةِ أَوِ الْقَلْعَةِ مُسْلِمٌ، أَوْ أَسِيرٌ، أَوْ تَاجِرٌ، أَوْ مُسْتَأْمَنٌ، أَوْ طَائِفَةٌ مِنْ هَؤُلَاءِ، فَهَلْ يَجُوزُ قَصْدُ أَهْلِهَا بِالنَّارِ وَالْمَنْجَنِيقِ وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا؟ فِيهِ طُرُقٌ، الْمَذْهَبُ: أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ ضَرُورَةٌ، كُرِهَ وَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْأَظْهَرِ لِئَلَّا يُعَطِّلُوا الْجِهَادَ بِحَبْسِ مُسْلِمٍ فِيهِمْ، وَإِنْ كَانَتْ ضَرُورَةٌ، كَخَوْفِ ضَرَرِهِمْ، أَوْ لَمْ يَحْصُلْ فَتْحُ الْقَلْعَةِ إِلَّا بِهِ، جَازَ قَطْعًا، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: لَا اعْتِبَارَ بِالضَّرُورَةِ، بَلْ إِنْ كَانَ مَا يُرْمَى بِهِ يُهْلِكُ الْمُسْلِمَ، لَمْ يَجُزْ، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ، وَالثَّالِثُ وَبِهِ أَجَابَ صَاحِبُ «الشَّامِلِ»:إِنْ كَانَ عَدَدُ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ فِيهِمْ مِثْلَ الْمُشْرِكِينَ، لَمْ يَجُزْ رَمْيُهُمْ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ، جَازَ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ لَا يُصِيبُ