بوضعها الحالي التي عرفناها في أول البحث، لأن الوسائل تغيرت وأساليب الحرب تطورت.
والفارق الذي لا بد أن يؤخذ بالاعتبار ويفهم به كلام السلف الذين أجازوا قتل المتترس بهم، هو أن السلف أجازوا قتل المتترس بهم حال الضرورة، أما العمليات الاستشهادية فلا يقتضي جوازها إلى ضرورة ملحة كمسألة التترس، فإن المسألتين متشابهتان من وجه مختلفتان من وجه آخر، لأن قتل الغير لم ترد به نصوص تجيزه أبداً، ولكن غلبت المصلحة العامة على الخاصة للضرورة، والقاعدة تقول الضرورات تبيح المحضورات، والقاعدة الأخرى تقول: إذا تعارضت مفسدتان ارتكب أدناهما، ولكن في العمليات الاستشهادية لا نحتاج إلى إجازتها بالقواعد كتعارض المفاسد أو إجازتها حال الضرورة، لأن عندنا نصوصاً تحث على الإقدام على العدو وتثني على من اقتحم على العدو رغم تيقنه الموت فيها، بشرط أن تكون نيته خالصة لإعلاء كلمة الله، فهنا الفارق بين المسألتين الأولى على المنع وأجيزت للضرورة والثانية ليس فيها منع بل فيها حث على الإقدام، ومن قال بجواز أمر محرم ولم تأت النصوص بجوازه مطلقاً وهو قتل المسلم، فلا شك أنه سيجيز نظيره وهو أقل حرمة في الأصل، وجاءت النصوص على إباحته والأمر به والحث عليه ومدح فاعله، فتنبه أخي الكريم للفرق، فما يباح للضرورة غير ما يباح للمصلحة، والقول بجواز قتل الترس أصعب من القول بجواز قتل النفس وقد تواردت الأدلة على جواز الثانية