فعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَّمَ أَبَاهُ حُصَيْنًا بَعْدَمَا أَسْلَمَ فَقَالَ:" قُلِ اللهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ وَمَا أَخْطَأْتُ وَمَا عَمَدْتُ وَمَا جَهِلْتُ وَمَا عَلِمْتُ "

فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَعْلِيمُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حُصَيْنًا أَنْ يَدْعُوَ اللهَ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ مَا أَخْطَأَ يَعْنِي الْخَطَأَ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْعَمْدِ , وَذَلِكَ مِمَّا هُوَ غَيْرُ مَأْخُوذٍ بِهِ وَلَا مُعَذَّبٍ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب:5] فَكَانَ الْخَطَأُ الَّذِي لَيْسَ مَعَهُ تَعَمُّدُ الْقُلُوبِ مَعْفُوًّا عَنْهُ غَيْرَ مَأْخُوذٍ بِهِ صَاحِبُهُ وَكَانَ أَمْرُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ حُصَيْنًا أَنْ يَدْعُوَ اللهَ بِغُفْرَانِهِ إيَّاهُ لَهُ عَلَى الرَّهْبَةِ مِنَ اللهِ وَالتَّعْظِيمِ لَهُ وَالْخَوْفِ مِمَّا عَسَى أَنْ يَكُونَ يُخَالِطُ قَلْبَ الْمُخْطِئِ فِي حَالِ خَطَئِهِ مِنْ مَيْلٍ إلَى مَا أَخْطَأَ بِهِ , وَكَذَلِكَ مَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ مِنْ دُعَاءِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْغُفْرَانِ لِلرَّجُلِ الْمَذْكُورِ فِيهِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِمِثْلِ هَذَا أَيْضًا وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. (?)

قال القرطبي:" وقوله: خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا: ظاهرُهُ: التخليدُ الذي لا انقطاعَ له بوجه، وهو محمولٌ على مَنْ كان مستَحِلاًّ لذلك، ومَنْ كان مُعْتقِدًا لذلك، كان كافرًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015