كَانَ كَافِرًا لَا يُقَالُ: أليس أنه وصفهم بالإيمان فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فَكَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِهِمُ الْكُفَّارُ؟ لِأَنَّا نَقُولُ: مَذْهَبُكُمْ أَنَّ مَنْ دَخَلَ تَحْتَ هَذَا الْوَعِيدِ لَا يَكُونُ مُؤْمِنًا الْبَتَّةَ، فَلَا بُدَّ عَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ أَنْ تَقُولُوا: إِنَّهُمْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ، ثُمَّ لَمَّا أَتَوْا بِهَذِهِ الْأَفْعَالِ مَا بَقُوا عَلَى وَصْفِ الْإِيمَانِ، فَإِذَا كَانَ لَا بُدَّ لَكُمْ مِنَ الْقَوْلِ بِهَذَا الْكَلَامِ. فَلِمَ لَا يَصِحُّ هَذَا الْكَلَامُ مِنَّا أَيْضًا فِي تَقْرِيرِ مَا قُلْنَاهُ؟ واللَّه أَعْلَمُ." (?)
وقال ابن العربي:" قَوْلُهُ: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء:29]:فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: لَا تَقْتُلُوا أَهْلَ مِلَّتِكُمْ. الثَّانِي: لَا يَقْتُلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا. الثَّالِثُ: لَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ بِفِعْلِ مَا نُهِيتُمْ عَنْهُ؛ قَالَهُ الطَّبَرِيُّ وَالْأَكْثَرُ مِنْ الْعُلَمَاءِ.
وَكُلُّهَا صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا أَقْعَدَ مِنْ بَعْضٍ فِي الدِّينِ مِنْ اللَّفْظِ وَاسْتِيفَاءِ الْمَعْنَى. وَاَلَّذِي يَصِحُّ عِنْدِي أَنَّ مَعْنَاهُ: وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ بِفِعْلِ مَا نُهِيتُمْ عَنْهُ، فَكُلُّ ذَلِكَ دَاخِلٌ تَحْتَهُ، وَلَكِنَّ هَاهُنَا دَقِيقَةٌ مِنْ النَّظَرِ؛ وَهِيَ أَنَّ هَذَا الَّذِي اخْتَرْنَاهُ يَسْتَوْفِي الْمَعْنَى، وَلَكِنَّهُ مَجَازٌ فِي لَفْظِ الْقَتْلِ، وَعَلَى حَمْلِ الْآيَةِ عَلَى صَرِيحِ الْقَتْلِ يَكُونُ قَوْلُهُ: {أَنْفُسَكُمْ} [النساء:29] مَجَازًا أَيْضًا، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ