تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاء اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ} (4) سورة محمد .. ولكنه كذلك لم ينص على عدم استرقاقهم. وترك الدولة المسلمة تعامل أسراها حسب ما تقتضيه طيبعة موقفها. فتفادي من تفادي من الأسرى من الجانبين، وتتبادل الأسرى من الفريقين، وتسترق من تسترق وفق الملابسات الواقعية في التعامل مع أعدائها المحاربين.
وبتجفيف موارد الرق الأخرى - وكانت كثيرة جدا ومتنوعة - يقل العدد .. وهذا العدد القليل أخذ الإسلام يعمل على تحريره بمجرد أن ينضم إلى الجماعة المسلمة ويقطع صلته بالمعسكرات المعادية. فجعل للرقيق حقه كاملا في طلب الحرية بدفع فدية عنه يكاتب عليها سيده. ومنذ هذه اللحظة التي يريد فيها الحرية يملك حرية العمل وحرية الكسب والتملك، فيصبح أجر عمله له، وله أن يعمل في غير خدمة سيده ليحصل على فديته - أي إنه يصبح كيانا مستقلا ويحصل على أهم مقومات الحرية فعلا - ثم يصبح له نصيبه من بيت مال المسلمين في الزكاة. والمسلمون مكلفون بعد هذا أن يساعدوه بالمال على استرداد حريته .. وذلك كله غير الكفارات التي تقتضي عتق رقبة. كبعض حالات القتل الخطأ، وفدية اليمين، وكفارة الظهار .. وبذلك ينتهي وضع الرق نهاية طبيعية مع الزمن، لأن إلغاءه دفعة واحدة كان يؤدي إلى هزة لا ضرورة لها، وإلى فساد في المجتمع أمكن اتقاؤه .....
وإذا أراد أحد أن يستأنف حياة إسلامية، فهو لا يستأنفها من حيث انتهت الجموع المنتسبة إلى الإسلام على مدى التاريخ. إنما يستأنفها من حيث يستمد استمدادا مباشرا من أصول الإسلام الصحيحة ..
وهذه الحقيقة مهمة جدا. سواء من وجهة التحقيق النظري، أو النمو الحركي، للعقيدة الإسلامية وللمنهج الإسلامي. ونحن نؤكدها للمرة الثانية في هذا الجزء بهذه المناسبة، لما نراه من شدة الضلال والخطأ في تصور النظرية التاريخية الإسلامية، وفي فهم الواقع التاريخي الإسلامي. ومن شدة الضلال والخطأ في تصور النظرية التاريخية الإسلامية وفي فهم الواقع التاريخي الإسلامي. ومن شدة الضلال والخطأ في تصور الحياة الإسلامية