ب - الْكَفَّارَةُ وَالدِّيَةُ:
وَمِنْ نَاحِيَةِ الْكَفَّارَةِ وَالدِّيَةِ عِنْدَ إِصَابَةِ أَحَدِ أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ نَتِيجَةَ رَمْيِ التُّرْسِ، فَإِنَّ جُمْهُورَ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى أَنَّ مَا أَصَابُوهُ مِنْهُمْ لاَ يَجِبُ فِيهِ دِيَةٌ وَلاَ كَفَّارَةٌ، لأَِنَّ الْجِهَادَ فَرْضٌ، وَالْغَرَامَاتُ لاَ تُقْرَنُ بِالْفُرُوضِ، لأَِنَّ الْفَرْضَ مَأْمُورٌ بِهِ لاَ مَحَالَةَ، وَسَبَبُ الْغَرَامَاتِ عُدْوَانٌ مَحْضٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَبَيْنَهُمَا مُنَافَاةٌ، فَوُجُوبُ الضَّمَانِ يَمْنَعُ مِنْ إِقَامَةِ الْفَرْضِ، لأَِنَّهُمْ يَمْتَنِعُونَ مِنْهُ خَوْفًا مِنْ لُزُومِ الضَّمَانِ، وَهَذَا لاَ يَتَعَارَضُ مَعَ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «لَا يُتْرَكُ فِي الإِسْلامِ مُفْرَجٌ» (?).- أَيْ مُهْدَرٌ -
وعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ: حَبْسُ الْإِمَامِ بَعْدَ إِقَامَةِ الْحَدِّ ظُلْمٌ، قَالَ: وَقَالَ عَلِيٌّ: «أَيُّمَا قَتِيلٍ وُجِدَ بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ، فَدِيَتُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، لِكَيْلَا يَبْطُلَ دَمٌ، فِي الْإِسْلَامِ، وَأَيُّمَا قَتِيلٍ وُجِدَ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ، فَهُوَ عَلَى أَسَفِّهِمَا - يَعْنِي أَقْرَبَهُمَا -» (?)
لأَِنَّ النَّهْيَ عَامٌّ خُصَّ مِنْهُ الْبُغَاةُ وَقُطَّاعُ الطَّرِيقِ، فَتُخَصُّ صُورَةُ النِّزَاعِ، كَمَا أَنَّ النَّهْيَ فِي الْحَدِيثِ خَاصٌّ بِدَارِ الإِْسْلاَمِ، وَمَا نَحْنُ فِيهِ لَيْسَ بِدَارِ الإِْسْلاَمِ. (?)
وَعِنْدَ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَجُمْهُورِ الْحَنَابِلَةِ وَالشَّافِعِيَّةِ تَلْزَمُ الْكَفَّارَةُ قَوْلاً وَاحِدًا، وَفِي وُجُوبِ الدِّيَةِ رِوَايَتَانِ:
إِحْدَاهُمَا: تَجِبُ، لأَِنَّهُ قَتَل مُؤْمِنًا خَطَأً، فَيَدْخُل فِي عُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ