يَتَحَقَّقُ الْعَدْل إِذَا كَانَتِ الْقِسْمَةُ لاَ تَتَنَاوَل إِلاَّ مَا كَانَ مَعْلُومًا. عَنْ حُصَيْنٍ، عَمَّنْ أَدْرَكَ ذَاكَ؛ أَنَّ رَجُلاً اشْتَرَى جَارِيَةً مِنَ الْمَغْنَمِ، قَالَ: فَلَمَّا رَأَتْ أَنَّهَا قَدْ خَلُصَتْ لَهُ، أَخْرَجَتْ حُلِيًّا كَثِيرًا كَانَ مَعَهَا، قَالَ: فَقَالَ الرَّجُلُ: مَا أَدْرِي مَا هَذَا، حَتَّى آتِيَ سَعْدًا فَأَسْأَلَهُ، فَقَالَ: اجْعَلْهُ فِي غَنَائِمِ الْمُسْلِمِينَ. (?)
وعَنْ حُصَيْنٍ، أَنَّ رَجُلاً اشْتَرَى أَمَةً يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ مِنَ الْفَيْءِ، فَأَتَتْهُ بِحَلْيٍ كَانَ مَعَهَا، فَأَتَى سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: اجْعَلْهُ فِي غَنَائِمِ الْمُسْلِمِينَ. (?)
لأَِنَّ الْمَال الَّذِي مَعَ الأَْسِيرِ كَانَ غَنِيمَةً، وَفِعْل الأَْمِيرِ تَنَاوَل الرَّقَبَةَ دُونَ الْمَال، فَبَقِيَ الْمَال غَنِيمَةً (?).وَهَذَا الْحُكْمُ يَصْدُقُ أَيْضًا عَلَى الدُّيُونِ وَالْوَدَائِعِ الَّتِي لَهُ لَدَى مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ. فَإِنْ كَانَتْ لَدَى حَرْبِيٍّ فَهِيَ فَيْءٌ لِلْغَانِمِينَ.
وَإِذَا كَانَ عَلَى الأَْسِيرِ دَيْنٌ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ قُضِيَ مِنْ مَالِهِ الَّذِي لَمْ يُغْنَمْ قَبْل اسْتِرْقَاقِهِ، فَإِنَّ حَقَّ الدَّيْنِ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْغَنِيمَةِ، إِلاَّ إِذَا سَبَقَ الاِغْتِنَامُ رِقَّهُ. وَلَوْ وَقَعَا مَعًا فَالظَّاهِرُ - عَلَى مَا قَال الْغَزَالِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ - تَقْدِيمُ الْغَنِيمَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالٌ فَهُوَ فِي ذِمَّتِهِ إِلَى أَنْ يَعْتِقَ. (?)
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: لَمَّا بَعَثَ أَهْلُ مَكَّةَ فِي فِدَاءِ أَسْرَاهُمْ، بَعَثَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي فِدَاءِ أَبِي الْعَاصِ، وَبَعَثَتْ فِيهِ بِقِلَادَةٍ كَانَتْ خَدِيجَةُ أَدْخَلَتْهَا بِهَا عَلَى أَبِي الْعَاصِ حِينَ بَنَى عَلَيْهَا. فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رَقَّ لَهَا رِقَّةً شَدِيدَةً وَقَالَ:" إِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيرَهَا وَتَرُدُّوا عَلَيْهَا الَّذِي لَهَا فَافْعَلُوا "،قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ. فاَطْلَقُوه وَرَدُّوا عَلَيْهَا الَّذِي لَهَا. وَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي كُنْتُ مُسْلِمًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:" اللهُ أَعْلَمُ بِإِسْلَامِكَ، فَإِنْ يَكُنْ كَمَا تَقُولُ فَاللهُ يَجْزِيكَ، فَافْدِ نَفْسَكَ