لأَصْحَابِهِ: إِنِّي أَرْجُو أَنْ يَخْدَعَهُ اللَّهُ عَنْ نَفْسِهِ، فَعَزَلَهُمْ وَبَقِيَ عَدُوُّ اللهِ، فَأَمَرَ بِهِ أَبُو مُوسَى، فَفَادَى وَبَذَلَ مَالاً كَثِيرًا، فَأَبَى وَضَرَبَ عُنُقَهُ. (?)
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قُتِلَ قَتِيلٌ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، فَغَلَبَ الْمُسْلِمُونَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى جِيفَتِهِ، فَقَالُوا: ادْفَعُوا إِلَيْنَا جِيفَتَهُ وَنُعْطِيكُمْ عَشَرَةَ آلاَف دِرْهَم، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -،فَقَالَ: لاَ حَاجَةَ لَنَا فِي جِيفَتِهِ، وَلاَ دِيَتِهِ، إِنَّهُ خَبِيثُ الدِّيَةِ خَبِيثُ الْجِيفَةِ. (?)
وَلأَِنَّهُ صَارَ بِالأَْسْرِ مِنْ أَهْل دَارِنَا، فَلاَ يَجُوزُ إِعَادَتُهُ لِدَارِ الْحَرْبِ، لِيَكُونَ حَرْبًا عَلَيْنَا، وَفِي هَذَا مَعْصِيَةٌ، وَارْتِكَابُ الْمَعْصِيَةِ لِمَنْفَعَةِ الْمَال لاَ يَجُوزُ، وَلَوْ أَعْطَوْنَا مَالاً لِتَرْكِ الصَّلاَةِ لاَ يَجُوزُ لَنَا أَنْ نَفْعَل ذَلِكَ مَعَ الْحَاجَةِ، فَكَذَا لاَ يَجُوزُ تَرْكُ قَتْل الْمُشْرِكِ بِالْمُفَادَاةِ. (?)
وَعَلَى الْقَوْل بِأَنَّ لِلإِْمَامِ حَقَّ الْمُفَادَاةِ بِالْمَال، فَإِنَّ هَذَا الْمَال يَكُونُ لِلْغَانِمِينَ، وَلَيْسَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يُسْقِطَ شَيْئًا مِنَ الْمَال الَّذِي يَفْرِضُهُ عَلَيْهِمْ مُقَابِل الْفِدَاءِ إِلاَّ بِرِضَى الْغَانِمِينَ. (?)
ذَهَبَ الْجُمْهُورُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ، وَصَاحِبَا أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إِلَى جَوَازِ تَبَادُل الأَْسْرَى (?)،مُسْتَدِلِّينَ بحديث عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أَطْعِمُوا الجَائِعَ، وَعُودُوا المَرِيضَ، وَفُكُّوا العَانِيَ» قَالَ سُفْيَانُ:" وَالعَانِي: الأَسِيرُ " (?)