بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد:
فإن الأسرى أثر من آثار الحرب، وهم موجودون في جميع العصور ...
وقد وردت أحكام مفصلة عن هذا الموضوع في القرآن والسنة، وقام الفقهاء في كل العصور بتفصيل أحكام الأسرى في أبواب الجهاد حتى نهاية الدولة العثمانية بشكل يدلُّ على عظمة الإسلام، وقيادته للبشرية ...
ثم سقطت الخلافة الإسلامية وغزي العالم الإسلامي، وقسم إلى دويلات كثيرة لا تستطيع أي واحدة منها القيام بنفسها، وجلها مرتطبة بتحالفات مع أعداء الإسلام.
وفي ظل هذه الأوضاع المنافية للإسلام نشأت كتابات كثيرة حول الجهاد في سبيل الله وآثاره، وغالبها يتسم بالتبرير أو التحوير أو التلاعب بالنصوص الشرعية لكي يرضى عنهم الغرب والشرق، وصار الأصل في هذا الموضوع القوانين الدولية وليس الشرع الإسلامي .....
ومن ثم بدءوا ينكرون القطعيات في فقه الجهاد ...
ومن ذلك كثير من أحكام الأسرى في التشريع الإسلامي، مثل تحريم قتل الأسير، وتحريم استرقاقه، أوجواز تسليمه لأعداء الإسلام بحجة محاربة الإرهاب ....
ونسوا قول الله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء:65]
وفي كتابنا هذا جمعنا ما يتعلق بالأحكام الشرعية للأسرى، بعيدا عن ضغوط الواقع، وعن فقهاء الهزيمة .... وهي مشفوعة بأدلتها من القرآن والسنة وأقوال أهل العلم
وهي تشمل أسرى الكفار، وأسرى المسلمين (البغاة، قطاع الطرق) وأسرى المرتدين
وقد سرت فيه وفق المباحث التالية: