المبحث الخامس
واجب المسلمين لإنقاذ الأسرى والمعتقلين
مع توالي الأحداث وتكالب الأمم على أهل الإسلام، تعرّضت الأمّة الإسلامية لأكثَر من نكبة، وألمَّت بها مصائب جسام؛ من أفظعِها وقوع المئات من المسلمين في الأسر، والزج بهم خلف قضبان الحديد في معتقلات لا ترعى حقوقاً ولا تُراعي حُرَماً.
ولا شك في أن معاناة المسلمين اليوم أمر جلل لم يسبق له مثيل عبر تاريخهم الطويل، حيث تداعت عليهم الأمم متكالبة، ونابذتهم العداء متحالفة، وتجمهَر في الحملة الهوجاء عليهم أهلُ الأرض قاطبةً من يهود وصليبيين ووثنيين وملاحدة، فضلاً عمن والاهم أو وافقهم؛ باستعلاء أو على استحياء؛ من حكام العَرَب والمسلمين.
ومن أشنع ما أسفَرت عنه الحرب الضروس المعاصرة ضد الإسلام وأهله تمكين الأعداء الحاقدين من رقاب الأولياء الصالحين، حتى باتوا يعملون فيهم القتل والتنكيل، والأسرَ والتكبيل، وينقلون المئات منهم من ديار المسلمين إلى المعتقلات والزنازين، على مرأى ومسمَع الحكام والزعماء، فضلاً عن السوقة والمستضعفين، دون أن يُحرك ذلك ساكناً، أو يَرفَعَ همةً لفكاك الأسرى المستضعفين، أو استنقاذ المعتقلين المضطهدين.
مع أن القيام بذلك واجب متعين - على الكفاية في أقل الأحوال - على من جعلهم الله {خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران:110] كل بحَسب طاقته وقُدرَته، حسب ما دلت عليه عمومات النصوص الشرعية المؤكدة على حق المسلم على المسلم، ومنها وجوب نصرته، وتحريم خذلانه وإسلامه لعدوه، أو التخلي عنه، كقوله تعالى: {وَإِنِ