قَالَ أَبُو يُوسُف وَسَأَلته عَن الرجل من أهل الْحَرْب يقْتله الْمُسلمُونَ هَل يبيعون جيفته من الْمُشْركين قَالَ أَبُو حنيفَة لَا بَأْس بذلك فِي دَار الْحَرْب فِي غير عَسْكَر الْمُسلمين أَلا ترى أَن أَمْوَال أهل الْحَرْب تحل للْمُسلمين أَن يأخذوها فَإِذا طابت بهَا أنفسهم فَهُوَ جَائِز وَقَالَ أَبُو يُوسُف أكره ذَلِك وأنهي عَنهُ وَلَا يجوز للْمُسلمين بيع الْميتَة وَلَا الرِّبَا وَلَا الْخمر وَلَا الْخِنْزِير من أهل الْحَرْب وَلَا من غَيرهم" (?)
إن جواب هذه المسألة متفرع عن ما قبلها، فمن قال بجواز مبادلة الجيف بالأسرى، لا شك من باب أولى أن يجيز نقل جيف الكافرين للمصلحة، ونحن تطرقنا لهذه المسألة لأنه نُص على منعها في بعض كتب المحدثين.
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، وَشُرَحْبِيلَ ابْنَ حَسَنَةَ بَعَثَا عُقْبَةَ بَرِيدًا إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِرَأْسِ يَنَاقٍ بِطَرِيقِ الشَّامِ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنْكَرَ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ عُقْبَةُ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَإِنَّهُمْ يَصْنَعُونَ ذَلِكَ، قَالَ: أَفَاسْتِنَانٌ بِفَارِسَ وَالرُّومِ؟ لَا يُحْمَلْ إِلِيَّ رَأْسٌ، فَإِنَّمَا يَكْفِي الْكِتَابُ وَالْخَبَرُ" (?)
وعَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ خَدِيجٍ، يَقُولُ: هَاجَرْنَا عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَبَيْنَا نَحْنُ عِنْدَهُ إِذْ طَلَعَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: إِنَّهُ قُدِمَ عَلَيْنَا بِرَأْسِ يَنَاقٍ الْبِطْرِيقِ، وَلَمْ تَكُنْ لَنَا بِهِ حَاجَةٌ، إِنَّمَا هَذِهِ سُنَّةُ الْعَجَمِ" (?)
وعَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أُتِيَ بِرَأْسٍ فَقَالَ: بَغَيْتُمْ. قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ [ص:224] مَعْمَرٍ، حَدَّثَنِي صَاحِبٌ لَنَا، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: لَمْ يُحْمَلْ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - رَأْسٌ إِلَى الْمَدِينَةِ قَطُّ، وَلَا يَوْمَ بَدْرٍ، وَحُمِلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَكَرِهَ ذَلِكَ. قَالَ: وَأَوَّلُ مَنْ حُمِلَتْ إِلَيْهِ الرُّءُوسُ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ. (?)