كَانَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ، أَوْ بَعْدَ الْبَيْعِ فَيُرَاعَى فِيهِ حُكْمُ الْقَتْل، لأَِنَّ دَمَهُ صَارَ مَعْصُومًا، فَكَانَ مَضْمُونًا بِالْقَتْل، إِلاَّ أَنَّهُ لاَ يَجِبُ الْقِصَاصُ لِقِيَامِ الشُّبْهَةِ. (?)
وَلَمْ يُفَرِّقُوا فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَ هُوَ الآْسِرُ أَوْ غَيْرُهُ كَمَا يُفِيدُهُ الإِْطْلاَقُ.
وَالْمَالِكِيَّةُ يَتَّجِهُونَ وُجْهَةَ الْحَنَفِيَّةِ مِنْ نَاحِيَةِ الضَّمَانِ، غَيْرَ أَنَّهُمْ جَعَلُوا التَّفْرِقَةَ فِيمَا إِذَا كَانَ الْقَتْل فِي دَارِ الْحَرْبِ قَبْل أَنْ يَصِيرَ فِي الْمَغْنَمِ، أَوْ بَعْدَ أَنْ صَارَ مَغْنَمًا، وَيَنُصُّونَ عَلَى أَنَّ مَنْ قَتَل مَنْ نُهِيَ عَنْ قَتْلِهِ، فَإِنْ قَتَلَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ قَبْل أَنْ يَصِيرَ فِي الْمَغْنَمِ فَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ، وَإِنْ قَتَلَهُ بَعْدَ أَنْ صَارَ مَغْنَمًا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ. (?)
وَالشَّافِعِيَّةُ أَيْضًا يُلْزِمُونَ الْقَاتِل بِالضَّمَانِ، فَإِذَا كَانَ بَعْدَ اخْتِيَارِ رِقِّهِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ، وَكَانَ فِي الْغَنِيمَةِ. وَإِذَا كَانَ بَعْدَ الْمَنِّ عَلَيْهِ لَزِمَهُ دِيَتُهُ لِوَرَثَتِهِ. وَإِنْ قَتَلَهُ بَعْدَ الْفِدَاءِ فَعَلَيْهِ دِيَتُهُ غَنِيمَةً، إِنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَ الإِْمَامُ الْفِدَاءَ، وَإِلاَّ فَدِيَتُهُ لِوَرَثَتِهِ. وَإِنْ قَتَلَهُ بَعْدَ اخْتِيَارِ الإِْمَامِ قَتْلَهُ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ عُزِّرَ. (?)
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: إِنْ قَتَل أَسِيرَهُ أَوْ أَسِيرَ غَيْرِهِ قَبْل الذَّهَابِ لِلإِْمَامِ أَسَاءَ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ ضَمَانُهُ. (?)
قال ابن قدامة:" وَمَنْ أَسَرَ أَسِيرًا، لَمْ يَكُنْ لَهُ قَتْلُهُ، حَتَّى يَأْتِيَ بِهِ الْإِمَامَ، فَيَرَى فِيهِ رَأْيَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا صَارَ أَسِيرًا، فَالْخِيرَةُ فِيهِ إلَى الْإِمَامِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدْ كَلَامٌ يَدُلُّ عَلَى إبَاحَةِ قَتْلِهِ، فَإِنَّهُ قَالَ: لَا يَقْتُلُ أَسِيرَ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْوَالِي. فَمَفْهُومُهُ أَنَّ لَهُ قَتْلَ أَسِيرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَالِي؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ ابْتِدَاءً، فَكَانَ لَهُ قَتْلُهُ دَوَامًا، كَمَا لَوْ هَرَبَ مِنْهُ أَوْ قَاتَلَهُ. فَإِنْ امْتَنَعَ الْأَسِيرُ أَنْ يَنْقَادَ مَعَهُ، فَلَهُ إكْرَاهُهُ بِالضَّرْبِ وَغَيْرِهِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ إكْرَاهُهُ، فَلَهُ قَتْلُهُ.
وَإِنْ خَافَهُ أَوْ خَافَ هَرَبَهُ، فَلَهُ قَتْلُهُ أَيْضًا. وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الِانْقِيَادِ مَعَهُ، لِجُرْحٍ أَوْ مَرَضٍ، فَلَهُ قَتْلُهُ أَيْضًا. وَتَوَقَّفَ أَحْمَدُ عَنْ قَتْلِهِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَقْتُلُهُ، كَمَا يُذَفَّفُ عَلَى جَرِيحِهِمْ، وَلِأَنَّ