الناس عليها، ففيه مبادئ الحرية، وفيه مبادئ الشورى، وفيه مبادئ المساواة، وفيه مبادئ التعاون، وفيه مبادئ السلام، وفيه مبادئ الرحمة والعطف الإنساني، وكل جماعة ترضى ذلك وتألفه، فليقتبس الداعي إلى الإسلام قبسة من ذلك النور يتخذ منها مصباح دعوته؛ ليستضيء به في دياجير الضلال.
وإذا آنس الداعي ممن يدعوهم إلفا ورغبة في التعرف بعد ذلك، بين لهم حقائق الإسلام كما بينها النبي صلى الله عليه وسلم، وعرفهم أسرارها وحكمها وصلاحها، وتاريخ الذين أقاموها. وإذا اعترض معترض على الإسلام فهاجمه في إحدى شرائعه أو مبادئه، وأراد الواعظ أن يرد عليه اعتصم بالمنطق في أشكاله وأقيسته فإنها هي التي تبين ما في الكلام من باطل.
وعليه أن يوازن بين الإسلام وبين غيره من العقائد وخصوصا عقيدة الشخص الذي يدعوه أو يناقشه، وليكن ذكر الواعظ لما يعتقد غيره من غير سب، ولا لعن، حتى لا يحنق خصمه، فيندفع في الطعن في الإسلام، وتنتقل المجادلة من مناقشة عقلية إلى سب للعقائد ومعتنقيها، وليعتبر بقوله تعالى: {وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} ، وبقوله تعالى: {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} .
وفي هذه الخطب الجدلية التي تشتمل على دعوى إلى الهداية المحمدية يتحرى الخطيب أن يتكلم بلغة من يدعمهم؛ ليستطيع أن يضع أفكاره في الألفاظ التى تدل عليها دلالة محكمة من غير احتمال لغيرها؛ ولتكن عباراته واضحة القصد بينة المقصد؛ لا التباس ولا غموض ولا إبهام، ولتكن بأسلوب رائق جذاب، وألفاظ تثير الخيال وتجتذب النفس.
ب- خطب التعليم الديني للعامة:
هذا النوع من الخطب دروس دينية يلقيها الواعظ على العامة، يعرفهم فيها أصول دينهم والأحكام الشرعية العملية التي يدعو إليها،