السنة بين الأعلام والأقزام:

وقد اتسع نطاق الفقه الإسلامى، ونشأت فيه من مذاهب ومدارس تقول بالقياس والرأي والاجتهاد، ومع هذا ظل أهلوها يخضعون لسلطان الحديث النبوى، فإذا قعَّدوا قاعدة، أو رأوا رأيا، أو استنبطوا حكما، ثم بلغهم حديثٌ ثابتٌ عن الرسول يخالف ما ذهبوا إليه رجعوا عن رأيهم، وخضعوا لما أتاهم من هدى الرسول، وهذا هو الإمام أبو حنيفة الذى يعتبر أكثر الأئمة أخذا بطريقة القياس والرأي كان يلغي رأيه أمام الحديث الثابت، وهذا هو الإمام الشافعى يقول: "إذا صح الحديث فهو مذهبى"، فإذا كان الأئمة الأعلام قد خضعوا وخشعوا أمام نور النبوة وجلال الرسالة، وحفظوا للسنة المحمدية جلالها ووقارها، فكيف استباح الصغار الأقزام أن يتطاولوا فيحرضوان على تركها أو الاستخفاف بها؟ ألا ساء ما يصنعون!.

والواقع أن وظيفة السنة ترينا بوضوح أنها جزء من الوحي، وأنها المصدر الثانى الأساسي من مصادر التشريع الإسلامي بعد كتاب الله تعالى؛ لأنها فسرت وأبانت، وشرحت وحددت وخصصت العام، وأوضحت المبهم، فالقرآن مثلا قد ذكر العبادات بأسمائها أو بملامح عامة لها، ولم يذكر صفاتها ولا كيفياتها، ولم يتعرض لما فيها من تفاصيل وأجزاء، فقال القرآن مثلا: {وَأَقِيمُوا الصَّلاة} 1، ولكن كيف نقيمها؟ جاءت السنة فذكرت لنا هيئة الصلاة وحددت مواقيتها، وبينت عددها، وما فيها من قيام وركوع وسجود وقعود وتشهد وسلام، وقال القرآن: {وَآتُوا الزَّكَاةَ} 2.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015