الخصائص (صفحة 983)

فتكسيرهم ندًى على أندية يشهد بأنهم أجروا ندًى -وهو فعل- مجرى فعال فصار لذلك ندى وأندية كغداء وأغدية. وعليه قالوا: باب وأبوبة و"خال1 وأخولة". وكما أجروا فتحة العين مجرى الألف الزائدة بعدها، كذلك أجروا الألف الزائدة بعدها مجرى الفتحة. وذلك قولهم: جواد وأجود وصواب وأصواب، جاءت في شعر الطرماح. وقالوا: عراء2 وأعراء حياء3 وأحياء، وهباء4 وأهباء. فتكسيرهم فعالا على أفعال كتكسيرهم فعلا على أفعلة هذا هنا، كذلك ثمة. وعلى ذلك -عندي- ما جاء عنهم من تكسير فعيل على أفعال؛ نحو يتيم وأيتام، وشريف وأشراف حتى كأنه إنما كسر فعل لا فعيل كنمر وأنمار وكبد وأكباد، وفخذ وأفخاذ. ومن ذلك قوله5:

إذا المرء لم يخش الكريهة أوشكت ... حبال الهوينى بالفتى أن تقطعا

وهذا عندهم قبيح، وهو إعادة الثاني مظهرا بغير لفظه الأول؛ وإنما سبيله أن يأتي مضمرًا نحو: زيد مررت به. فإن لم يأت مضمرًا وجاء مظهرا فأجود ذلك أن يعاد لفظ الأول البتة؛ نحو: زيد مررت بزيد، كقول الله سبحانه: {الْحَاقَّةُ، مَا الْحَاقَّةُ} 6 و {الْقَارِعَةُ، مَا الْقَارِعَةُ} 7 وقوله 8:

لا أرى الموت يسبق الموت شيءٌ ... نغض الموت ذا الغنى والفقيرا

ولو قال: زيد مررت بأبي محمد "وكنيته أبو محمد"9 لم "يجز عند"10 سيبويه، وإن كان أبو الحسن قد أجازه. وذلك أنه لم يعد على الأول ضميره، كما يجب،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015