أعلم أن العرب قد سمت الفعل بأسماء، لما سنذكره. وذلك على ضربين:
أحدهما في الامر والنهي، والأخرين في الخبر.
الأول منهما نحو قولهم: صه فهذا اسم اسكت؛ ومه، فهذا: اكفف، ودونك، اسم خذ. وكذلك عندك ووراءك1 اسم تنح، ومكانك اسم اثبت. قال2:
وقولي كلما جشأت وجاشت ... مكانك تحمدي أو تستريحي
فجوابه بالجزم دليل على أنه3 كأنه قال: اثبتي تحمدي أو تستريحي. وكذلك قول الله جل اسمه: {مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُم} 4 فـ"أنتم" توكيد للضمير في مكانكم5؛ كقولك: اثبتوا أنتم وشركاؤكم، وعطف على ذلك الضمير بعد أن وكده "الشركاء ". ويؤكد ذلك عندك قول بعضهم: مكانكني؛ فإلحاقه النون كما تلحق النون نفس الفعل في "أكرمني" ونحوه دليل على قوة شبهه بالفعل. ونحوه قولهم أيضا: كما أنتني؛ كقولك: انتظرني.
ومنها هلم، وهو6 آسم ائت. وتعال. قال الخليل: هي مركبة؛ وأصلها عنده "ها" للتنبيه، ثم قال: "لم" أي لم بنا، ثم كثر استعمالها فحذفت الألف تخفيفًا، ولأن7 اللام بعدها وإن كانت متحركة فإنها في حكم السكون؛ ألا ترى أن الأصل وأقوى اللغتين -وهي الحجازية- "أن تقول فيها: المم بنا"8 فلما كانت لام "هلم" في تقدير السكون حذف لها ألف "ها"، كما تحذف لالتقاء الساكنين، فصارت هلم. وقال9 الفراء: أصلها "هل" زجر وحث، دخلت على أم؛ كأنها كانت "هل أم" أي اعجل