كانت من الخفاء على ما ذكرنا وهي متحركة ازدادت خفاء بالسكون نحو محياي فأشبهت حينئذ الحرف المدغم. ونحو من ذلك ما يحكى عنهم من قولهم: "التقت حلقتا البطان " بإثبات الألف ساكنة في اللفظ قبل اللام, وكأن ذلك إنما جاز ههنا لمضارعة اللام1 النون؛ ألا ترى أن في مقطع اللام غنة كالنون وهي أيضًا تقرب من الياء حتى يجعلها بعضهم في اللفظ ياء, فحملت اللام في هذا على النون كما حملت أيضًا عليها في لعلي, ألا تراهم كيف كرهوا النون من لعلني مع اللام, كما كرهوا النون في إنني وعلى ذلك قالوا: هذا بِلْوُسَفَر وبِلْىُ سفرٍ2, فأبدلوا الواو ياء لضعف حجز اللام كما أبدلوها "في قِنْية " ياء لضعف حجز النون, وكأن "قنية " -وهي عندنا من "قنوت " - و "بِلْيًا " أشبه من عِذى3 وصبيان, لأنه لا غنة في الذال والباء 4. ومثل "بِلى " قولهم: فلان من عِلْيَه الناس, وناقة عِلْيَان 5. فأما إبدال يونس هذه النون في الوقف ألفًا وجمعه بين ألفين في اضرباا, واضربناا, فهو الضعيف المستكره الذي أباه أبو إسحاق وقال فيه ما قال6.
ومن الأمر الطبيعي الذي لا بد منه ولا وَعْىَ7 عنه, أن يلتقي الحرفان الصحيحان فيسكن الأول منهما في الإدراج فلا يكون حينئذ بد من الإدغام،