الخصائص (صفحة 948)

كرهوا التضعيف في دوان فأبدلوا ليختلف الحرفان فلو أبدلوا الواو فيما بعد للزم أن يقولوا: ديان فيعودوا1 إلى نحو مما2 هربوا منه من التضعيف وهم قد أبدلوا الحييان إلى الحيوان ليختلف الحرفان فإذا أصارتهم الصنعة إلى اختلافهما في ديوان لم يبق هناك مطلب. وأما حيوة فاجتمع إلى استكراههم التضعيف فيه وأن يقولوا: حية أنه3 علم والأعلام يحتمل4 لها كثير من كلف الأحكام.

ومن ذلك قولهم في الإضافة إلى آية وراية: آئى ورائى. وأصلهما: أيى ورايى إلا أن بعضهم كره ذلك فأبدل الياء همزة لتختلف الحروف ولا تجتمع ثلاث ياءات. هذا5 مع إحاطتنا علما بأن الهمزة أثقل من الياء. وعلى ذلك أيضًا قال بعضهم فيهما: راوي وآوي فأبدلها6 واوا ومعلوم أيضًا أن الواو أثقل من الياء.

وعلى نحو من هذا أجازوا في فعاليل من رميت: رماوي ورمائي فأبدلوا الياء من رمايى تارة واوا وأخرى همزة -وكلتاهما أثقل من الياء- لتختلف الحروف.

وإذا كانوا قد هربوا من التضعيف إلى الحذف نحو ظلت ومست وأحست وظنت، ذاك أي ظننت، كان الإبدال أحسن وأسوغ؛ لأنه أقل فحشا من الحذف، وأقرب.

ومن الحذف لاجتماع الأمثال قولهم في تحقير أحوي: أحي فحذفوا من الياءات الثلاث واحدة وقد حذفوا7 أيضًا من الثنتين في نحو هين ولين وسيد وميت وهذا واضح فاعرف وقس.

"ومن ذلك قولهم عمبر أبدلوا النون ميما في اللفظ وإن كانت الميم أثقل من النون فخففت الكلمة ولو قيل عنبر بتصحيح النون لكان أثقل"8.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015