الخصائص (صفحة 899)

بل إذا كانوا قد حذفوا الملحق للملحق فحذف الملحق لذي المعنى -وهو الميم- أقوى وأحجى1. وكأنهم إنما أسرعوا إلى حذف الأصل للزائد2؛ تنويهًا به وإعلاءً له وتثبيتًا لقدمه في أنفسهم, وليعلموا بذلك قدره عندهم وحرمته في تصورهم ولحاقه بأصول الكلم في معتقدهم, ألا تراهم قد يقرونه في الاشتقاق مما هو فيه إقرارهم الأصول. وذلك قولهم: قرنيت السقاء إذا دبغته بالقَرْنُوة, فاشتق الفعل منها, وأقرت الواو الزائدة فيها حتى أبدلت ياء في قرنيت. ومثله قولهم 3: قَلْسيت الرجل, فالياء هنا بدل من واو قلنسُوة الزائدة4، ومن قال: قلنسته, فقد أثبت أيضًا النون وهي زائدة، وكذلك قولهم: تعفرت الرجل إذا خبث، فاشتق من العفريت وفيه التاء زائدة.

فنظير تقويتهم أمر الزائد وحذف الأصل له5 قول الشاعر6:

أميل مع الذمام على ابن عمِّي ... واحمل للصديق على الشقيق

وجميع ما ذكرناه من قوة الزائد عندهم وتمكّنه في أنفسهم يضعف قوْل من حقَّر تحقير الترخيم ومن كسر على حذف الزيادة, وقد ذكرنا هذا. إلّا أن وجه جواز ذلك قول الآخر 7:

كيما أعدّهم لأبعد منهم ... ولقد يجاء إلى ذوي الأحقاد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015