الخصائص (صفحة 889)

باب في ملاطفة الصنعة:

وذلك أن ترى العرب قد غيرت شيئًا من كلامها من صورة، إلى صورة, فيجب حينئذ أن تتأتى لذلك وتلاطفه, لا أن تخبطه وتتعسفه. وذلك كقولنا في قولهم في تكسير جَرْو ودَلْوِ: أَجرٍ وأَدلٍ , إن أصله أجرُوٌ وأدلُوٌ, فقلبوا الواو ياء. وهو -لعمري- كذلك، إلا أنه يجب عليك أن تلاين الصنعة ولا تعازّها, فتقول: إنهم أبدلوا1 من ضمة العين كسرة, فصار تقديره: أجرِوٌ وأدلِوٌ. فلمَّا انكسر ما قبل الواو -وهي لام- قلبت ياء فصارت أجرِيٌ وأدْلِيٌ, وإنما وجب أن يرتب2 هذا العمل هذا الترتيب من قبل أنك لما كرهت الواو هنا لما تتعرض3 له من الكسرة والياء في أدْلُوَ وأدلُوِيّ لو سميت4 رجلًا بأدلُو, ثم أضفت إليه, فلمَّا ثقل ذلك بدءوا بتغيير الحركة الضعيفة تغييرًا عَبْطا وارتجالًا. فلمَّا صارت كسرة تطرقوا بذلك إلى قلب5 الواو ياء تطرقًا صناعيًّا. ولو بدأت فقلبت الواو ياء بغير آلة القلب6 من الكسرة7 قبلها لكنت قد استكرهت الحرف8 على نفسه تهالكًا وتعجرفًا، لا رفقًا وتلطفًا9. ولما فعلت ذلك في الضمة كان أسهل منه في "الواو و"10 الحرف؛ لأن ابتذالك الضعيف أقرب مأخذًا من إنحائك على القوي. " فاعرف ذلك"11 "أصلًا في هذا الباب"12.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015