الخصائص (صفحة 874)

في هذا الموضع على أصل "وضعها في اللغة"1 من العموم, واجتنب المستعمل فيه من الخصوص.

ومثل2 توكيد المجاز فيما مضى قولنا: قام زيد قيامًا, وجلس عمرو جلوسًا, وذهب سعيد3 ذهابًا، "ونحو ذلك4؛ لأن" قولنا: قام زيد ونحو ذلك قد قدَّمنا الدليل على أنه مجاز, وهو مع ذلك مؤكَّد بالمصدر. فهذا5 توكيد المجاز كما ترى, وكذلك أيضًا يكون قوله سبحانه: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} ومن هذا الوجه مجازًا على ما مضى.

ومن التوكيد في المجاز قوله تعالى: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} 6 ولم تؤت لِحْيَة ولا ذكرًا. ووجه هذا عندي أن يكون مما حذفت صفته حتى كأنه قال: وأوتيت من كل شيء تؤتاه المرأة الملكة7؛ ألا ترى "أنها8 لو" أوتيت لحية وذكرًا لم تكن امرأة أصلًا9، ولما قيل فيها: أوتيت, ولقيل أوتي. ومثله قوله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} 10 وهو سبحانه شيء. وهذا11 مما يستثنيه12 العقل ببديهته, ولا يحوج إلى التشاغل باستثنائه13؛ ألا ترى أن الشيء كائنًا ما كان لا يخلق نفسه, كما أن المرأة لا تؤتي لحية ولا ذكرًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015