وليس كذلك البدل؛ لأنه وإن كان العامل فيه غير الأول عندنا فإنه مع ذلك مشابه للصفة وجارٍ مجراها.
نعم وقد خالف فيه أقوام, فذهبوا إلى أن العامل في الثاني هو العامل في الأول. وحدثنا أبو علي أن الزيادي1 سأل أبا الحسن عن قولهم: مررت برجل قائمٌ زيدٌ أبوه, أأبوه بدل أم صفة؟ قال: فقال أبو الحسن: لا أبالي بأيهما أجبتُ. أفلا ترى إلى تداخل الوصف والبدل, وهذا يدل على ضعف العامل المقدر مع البدل. وسألت أبا علي -رحمه الله- عن مسألة2 الكتاب: رأيتك إياك قائمًا الحال لمن هي؟ فقال: ل"إياك", قلت: فالعامل فيها ما هو؟ قال: "رأيت" هذه الظاهرة, قلت: أفلا تعلم أن "إياك" معمول فعل آخر غير الأول, وهذا يقود3 إلى أن الناصب للحال هو الناصب لصاحبها, أعني: الفعل المقدَّر؟ فقال: لما لم يظهر ذلك العامل ضعف حكمه, وصارت المعاملة مع هذا الظاهر. فهذا يدلك على ضعف العامل في البدل واضطراب حاله, وليس كذلك العامل إذا دلَّ عليه غيره نحو قوله:
تواهق رجلاها يداها. . .
وقوله:
ولو تعزّيت عنها أم عمار
ونحو ذلك؛ لأن هذا فعل مثبت, وليس محل ما يعمل فيه المعنى محل البدل, فلما اختلف هذان الوجهان من هذين الموضعين اعتددناهما قسمين اثنين.