الخصائص (صفحة 817)

فإن قلت: فكيف يجوز لليس أن تعمل في الظرف1 وليس فيها تقدير حدث؟

قيل: جاز ذلك فيها من حيث جاز أن ترفع وتنصب, وكانت على مثال الفعل، فكما2 عملت الرفع والنصب وإن عريت من معنى الحدث, كذلك أيضًا تنصب الظرف لفظًا "كما عملت الرفع والنصب لفظًا"3، ولأنها على وزن الفعل. وعلى ذلك وجه أبو علي قول الله سبحانه: {أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ} 4 لأنه أجاز في نصب "يوم" ثلاثة أوجه: أحدها5 أن يكون متعلقًا بنفس "ليس" من حيث ذكرنا من الشبه اللفظي, وقال لي أبو علي -رحمه الله- يومًا: الظرف يتعلق بالوهم مثلًا.

فأما قول الآخر:

نظرت وشخصي مطلع الشمس ظله ... إلى الغرب حتى ظله الشمس قد عقل

فقيل فيه: أراد نظرت6 مطلع الشمس وشخصي ظله إلى الغرب، حتى عقل الشمس ظله أي: حاذاها7، فعلى هذا التفسير قد فصل بمطلع الشمس بين المبتدأ وخبره, وقد يجوز ألّا يكون فصل8، لكن على أن يتعلق مطلع الشمس بقوله: إلى الغرب, حتى كأنه قال: شخصي ظله إلى الغرب وقت طلوع الشمس, فيعلق الظرف بحرف الجر الجاري خبرًا عن الظل؛ كقولك: زيد من الكرام يوم الجمعة, فيعلق الظرف بحرف الجر, ثم قدّم الظرف لجواز تقديم ما تعلق به إلى موضعه, ألا تراك تجيز أن تقول: شخصي إلى الغرب ظله, وأنت تريد: شخصي ظله إلى الغرب. فعلى هذا تقول: زيد يوم الجمعة أخوه من الكرام, ثم تقدم فتقول: زيد من الكرام يوم الجمعة أخوه. فاعرفه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015