قرأ علي أعرابي بالحرم: " طيبي لهم وحسن مآب " فقلت: طوبى فقال: طيبي, فأعدت فقلت: طوبى فقال: طيبي فلما طال علي قلت: طوطو قال: "طي طي"1. أفلا ترى إلى هذا الأعرابي وأنت تعتقده جافيًا كزّا لا دمثًا ولا طيعًا؛ كيف نبا طبعه عن ثقل الواو إلى الياء فلم يؤثر فيه التلقين, ولا ثنى طبعه عن التماس الخفة هز ولا تمرين, وما ظنك به إذا خلي مع سومه2 وتساند إلى سليقيته3 ونجره.
وسألت يومًا أبا عبد الله محمد بن العساف العقيلي الجوثي التميمي -تميم4 جوثة- فقلت له: كيف تقول: ضربت أخوك؟ فقال: أقول: ضربت أخاك. فأدرته5 على الرفع فأبى, وقال: لا أقول: أخوك أبدًا. قلت: فكيف تقول ضربني أخوك فرفع. فقلت: ألست زعمت أنك لا تقول: أخوك أبدًا, فقال: أيش هذا! اختلفت جهتا الكلام. فهل هذا إلا أدل شيء على تأملهم مواقع الكلام وإعطائهم إياه في كل موضع حقه, وحصته من الإعراب, عن ميزة6 وعلى بصيرة, وأنه ليس استرسالًا ولا ترجيمًا. ولو كان كما توهمه هذا