فقد وضح إذًا بما أوردناه وجه خفة الثلاثي من الكلام وإذا كان كذلك فذوات الأربعة مستثقلة غير متمكنة تمكن الثلاثي لأنه إذا كان الثلاثي أخف وأمكن من الثنائي -على قلة حروفه- فلا محالة أنه أخف وأمكن من الرباعي لكثرة حروفه. ثم لا شك فيما بعد في ثقل الخماسي وقوة الكلفة به. فإذا كان كذلك ثقل عليهم مع تناهيه وطوله أن يستعملوا في الأصل الواحد جميع ما ينقسم إليه به1 جهات تركيبه. ذلك أن الثلاثي يتركب منه ستة أصول؛ نحو: جعل2 جلع عجل علج لجع لعج. والرباعي يتركب منه أربعة وعشرون أصلًا وذلك أنك تضرب الأربعة في التراكيب التي خرجت3 عن الثلاثي وهي ستة فيكون ذلك أربعة وعشرين تركيبًا المستعمل منها قليل وهي 4: عقرب, وبرقع, وعرقب, وعبقر, وإن جاء منه غير هذه الأحرف فعسى أن يكون ذلك, والباقي كله مهمل. وإذا كان الرباعي مع قربه من الثلاثي إنما استعمل منه الأقل النزر فما ظنك بالخماسي على طوله وتقاصر الفعل الذي هو مئنة5 من التصريف والتنقل عنه. فلذلك قل الخماسي أصلًا. نعم ثم لا تجد أصلًا مما ركب منه قد تصرف فيه بتغيير نظمه ونضده كما تصرف6 في باب عقرب "وبِرقِع"7، وبُرقُع ألا ترى أنك لا تجد شيئًا من نحو سفرجل قالوا فيه سرفجل ولا نحو ذلك مع أن تقليبه يبلغ به مائة وعشرين أصلًا, ثم لم يستعمل من جميع ذلك