الخصائص (صفحة 552)

ومنها اقتراب الأصلين ثلاثيًّا أحدهما ورباعيًّا صاحبه, أو رباعيًّا أحدهما وخماسيًّا صاحبه؛ كدمث ودمثر, وسبط وسبطر, ولؤلؤ ولُآل, والضبغطى والضبغطري. ومنه قوله:

قد دَرْدَبَتْ والشيخ دَرْدَبِيس ... وقد مضى1 هذا أيضًا2

ومنها التقديم والتأخير على ما قلنا في الباب الذي قبل هذا في تقليب الأصول نحو: "ك ل م " و"ك م ل " و"م ك ل " ونحو ذلك. وهذا كله والحروف واحدة غير متجاورة3. لكن من وراء هذا ضرب غيره وهو أن تتقارب الحروف لتقارب المعاني, وهذا باب واسع.

من ذلك قول الله سبحانه: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} 4 أي: تزعجهم وتقلقهم, فهذا في معنى تهزّهم هزًّا, والهمزة أخت الهاء, فتقارب اللفظان لتقارب المعنيين. وكأنهم5 خصّوا هذا المعنى بالهمزة لأنها أقوى من الهاء, وهذا المعنى أعظم في النفوس من الهزِّ؛ لأنك قد تهز ما لا بال له كالجذع وساق الشجرة, ونحو ذلك.

" ومنه العَسْف6 والأسَف, والعين أخت الهمزة, كما أن الأسف يعسف7 النفس وينال منها, والهمزة أقوى من العين, كما أن أسف النفس أغلظ من "التردد"8 بالعسف. فقد ترى تصاقب اللفظين لتصاقب المعنيين"9.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015