فهذا حديث الإدغام الأكبر1؛ وأما الإدغام الأصغر2 فهو تقريب الحرف من الحرف وإدناؤه منه من غير إدغام يكون هناك. وهو ضروب.
فمن ذلك الإمالة، وإنما3 وقعت في الكلام لتقريب الصوت من الصوت. وذلك نحو: عالم وكتاب وسعَى وقَضى واسقضى, ألا تراك قرَّبت فتحة العين من عالِم إلى كسرة اللام منه, بأن نحوت بالفتحة نحو الكسرة فأملت الألف نحو الياء, وكذلك سعى وقضى , نحوت بالألف نحو الياء التي انقلبت عنها, وعليه بقية الباب.
ومن ذلك أن تقع فاء افتعل صادًا أو ضادًا أو طاءً أو ظاءً, فتقلب لها تاؤه طاء, وذلك نحو: اصطبر واضطبر واضطرب واطرد واظطلم. فهذا تقريب من غير إدغام, فأما اطَّرد فمن ذا الباب أيضًا, ولكن إدغامه ورد ههنا التقاطًا4 لا قصدًا. وذلك أن فاءه طاء, فلمَّا أبدلت تاؤه طاء صادفت الفاء طاء فوجب الإدغام لما اتفق حينئذ, ولو لم يكن هناك طاء لم يكن إدغام, ألا ترى أنَّ اصطبر واضطرب واظطلم لمَّا كان الأول منه غير طاء لم يقع إدغام قال 5:
..... ويظلم أحيانًا فيظطلم
وأما فيظلم "وفيطَّلم"6 بالظاء والطاء جميعًا, فادّغام عن قصد لا عن توارد. فقد عرفت بذلك فرق ما بين اطَّرد وبين اصَّبر واظَّلم واطَّلم.