فإذا ألحقوا التاء أسكنوا العين؛ فقالوا: حَقِل1 حَقْلة, ومغَل مَغْلة2. فقد ترى إلى معاقبة حركة العين تاء التأنيث. ومن ذلك قولهم: جَفْنة وجَفَنات, وقَصْعة وقَصَعات, لما حذفوا التاء حركوا العين.
فلما تعاقبت التاء وحركة العين3 جريا4 لذلك مجرى الضدين المتعاقبين, فلما اجتمعا في "فَعَلة" ترافعا أحكامهما فأسقطت التاءُ حكم الحركة, وأسقطت الحركة حكم التاء. فآل الأمر بالمثال إلى أن صار كأنه فَعْل، "فَعْل" باب تكسيره "أَفْعُل".
وهذا حديث من هذه الصناعة غريب المأخذ لطيف المضطرب. فتأمله فإنه مُجْدٍ عليك مُقَوٍّ لنظرك.
ومن "فَعَلة" و"أفعُل" رَقَبة وأَرْقُب، وناقة وأَيْنُق.
ومن ذلك أنَّا قد رأينا تاء التأنيث تعاقب ياء المد, وذلك نحو: فرازين5 وفرازنة, وحجاجيح6 وجحاجحة، وزناديق وزنادقة. فلما نسبوا إلى نحو حنيفة وبجيلة تصوروا ذلك الحديث أيضًا, فترافعت التاء والياء أحكامهما7، فصارت حنيفة وبجيلة إلى أنهما كأنهما حَنِف وبَجِل, فجريا لذلك مجرى شَقِر8 ونَمِر فكما تقول