الخصائص (صفحة 446)

فجاء به مجيء التجنيس, وليس على الحقيقة تجنيسًا صحيحًا. وذلك أن التجنيس عندهم أن يتفق اللفظان ويختلف أو يتقارب المعنيان؛ كالعقل والمعقل والعقلة والعقيلة ومعقلة1. وعلى ذلك وضع أهل اللغة كتب الأجناس. وليس الثرى من لفظ الثراء على الحقيقة, وذلك أن الثرى -وهو الندى- من تركيب "ث ر ي " لقولهم: التقى3 الثريان. وأما الثراء -لكثرة المال- فمن تركيب "ث ر و "؛ لأنه من الثروة ومنه الثريّا؛ لأنها من الثروة لكثرة كواكبها مع صغر مرآتها, فكأنها كثيرة العدد بالإضافة إلى ضيق المحل. ومنه قولهم: ثَرَوْنا بني فلان, نثروهم ثروة, إذا كنا أكثر منهم. فاللفظان -كما ترى- مختلفان, فلا تجنيس إذًا إلّا للظاهر. وقد ذكرت هذا الموضع في كتابي في شرح المقصور والممدود عن ابن السكيت, وأنَّ الفراء تسمح3 في ذكر مثل هذا على اختلاف أصوله, وأن عذره في ذلك تشابه اللفظين بعد القلب.

ومن ذلك قولهم: عدد طيس4، وطَيْسَل. فالياء في طيس أصل, وتركيبه من "ط ي س ", "وهي"5 في طيسل زائدة, وهو من تركيب "ط س ل ". ومثله الفيشة والفيشلة: حالهما في ذلك سواء. وذهب سيبويه6 في "عنسل" إلى زيادة النون, وأخذها من قوله 7:

عسلان الذئب أمسى قاربًا ... برد الليل عليه فنسل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015