لجرى ذكر "لا" في مقابلة نعم. وإذا جاز ل"لا" أن تعمل وهي زائدة فيما أنشده أبو الحسن من قوله 1:
لو لم تكن غطفان لا ذنوب لها ... إليّ لا مت ذوو أحسابها عُمَرَا2
كان الاكتفاء بلغظها من غير عمل له أولى بالجواز.
ومن جره فقال: "لا البخل" فبإضافة "لا" إليه؛ لأن "لا" كما تكون للبخل3 قد تكون للجود أيضًا, ألا ترى أنه لو قال لك إنسان: لا تطعم الناس ولا تقر الضيف ولا تتحمل المكارم, فقلت أنت: "لا" لكانت هذه اللفظة هنا للجود لا للبخل, فلما كانت "لا" قد تصلح للأمرين جميعًا أضيفت إلى البخل لما في ذلك من التخصيص الفاصل بين المعنيين الضدين.
فإن قلت: فكيف تضيفها وهي مبنية؟ ألا تراها على حرفين الثاني حرف لين, وهذا أدل شيء على البناء، قيل: الإضافة لا تنافي البناء، بل لو جعلها جاعل سببًا له لكان "أعذر من"4 أن يجعلها نافية له, ألا ترى أن المضاف5 بعض الاسم، وبعض الاسم صوت, والصوت واجب بناؤه. فهذا من طريق القياس, وأما من طريق السماع: فلأنهم قد قالوا: كم رجل "قد"6 رأيت, فكم مبنية وهي مضافة.