وجودك أسماء مشتقة من الأفعال؛ نحو: قائم من قام, ومنطلق من انطلق, ألا تراه يصح لصحته، ويعتل لاعتلاله, نحو: ضرب فهو ضارب, وقام فهو قائم؛ "وناوم فهو مناوم"1. فإذا رأيت بعض الأسماء مشتقًا من الفعل, فكيف يجوز أن يعتقد سبق الاسم للفعل في الزمان, وقد رأيت الاسم مشتقًا منه, ورتبة المشتق منه أن يكون أسبق من المشتق نفسه. وأيضًا فإن المصدر مشتق من الجوهر؛ كالنبات من النبت, وكالاستحجار من الحجر, وكلاهما اسم. وأيضًا فإن المضارع يعتل لاعتلال الماضي, وإن كان أكثر الناس على أن المضارع أسبق من الماضي2، وأيضًا فإن كثيرًا من الأفعال مشتق من الحروف نحو قولهم: سألتك حاجة فلوليت لي, أي: قلت لي: لولا، وسألتك حاجة فلا ليت لي, أي: قلت لي: لا. واشتقوا أيضًا المصدر -وهو اسم- من الحرف, فقالوا: اللالاة واللولاة, وإن كان الحرف متأخرًا في الرتبة عن الأصلين قبله: الاسم والفعل. وكذلك قالوا: سوَّفت الرجل, أي: قلت له: سوف, وهذا فعل -كما ترى- مأخوذ من الحرف. ومن أبيات الكتاب 3:
لو ساوفتنا بسوفٍ من تحيّتها ... سوف العيوف لراح الركب قد قنع4
انتصب "سوف العيوف" على المصدر المحذوف الزيادة، أي: مساوفة العيوف.