الخصائص (صفحة 409)

فإن قلت: فلعلَّ الخليل يريد أن من قال: مررت بأخواك, قد كان مرة يقول: مررت بأخويك "كالجماعة"1 ثم رأى "فيما"2 بعد أن قلب هذه2 الياء ألفًا للخفة أسهل عليه وأخف، كما قد2 تجد العربي ينتقل لسانه من لغته إلى لغة أخرى, قيل: إن الخليل إنما أخرج3 كلامه على ذلك مخرج التعليل للغة من نطق بالألف في موضع جرّ التثنية ونصبها, لا على الانتقال من لغة إلى أخرى. وإذا كان قولهم: مررت بأخواك, معللًا عندهم بالقياس, فكان ينبغي أن يكونوا قد سبقوا إلى ذلك منذ أول أمرهم؛ لأنهم لم يكونوا قبلها على ضعف قياس ثم تداركوا أمرهم فيما بعد فقوي قياسهم. وكيف كانوا يكونون في ذلك على ضعف من القياس والجماعة عليه! أفتُجمع كافَّة اللغات على ضعف ونقص حتى ينبغ نابغ منهم فيردَّ لسانه إلى قوة القياس دونهم! نعم ونحن أيضًا نعلم أن القياس مقتضٍ لصحة لغة الكافة, وهي الياء في موضع الجر والنصب, ألا ترى أن في ذلك فرقًا بين المرفوع وبينهما, وهذا هو القياس في التثنية, كما كان موجودًا في الواحد. ويؤكده لك أنَّا نعتذر لهم4 من مجيئهم بلفظ المنصوب في التثنية على لفظ المجرور. وكيف يكون القياس أن تجتمع أوجه الإعراب الثلاثة على صورة واحدة! وقد ذكرت هذا الموضع في كتابي "سر الصناعة"5 بما هو لاحق بهذا الموضع ومقوله.

فقد علمت بهذا أن صاحب لغة قد راعى6 لغة غيره, وذلك لأن العرب وإن كانوا كثيرًا منتشرين, وخلقًا عظيمًا في أرض الله غير متحجرين7

طور بواسطة نورين ميديا © 2015