الخصائص (صفحة 399)

واللام مهموزة, فصحَّت في بعض الأحوال بعد وجوب اجتماع الهمزتين. فأما أشئؤها وأدأؤها فليست الهمزتان فيهما بأصلين1, وكيف تكونان أصلين2 وليس لنا أصل عينه ولامه همزتان ولا كلاهما أيضًا عن وجوب. فالناطق بذلك بصورة من جرَّ الفاعل أو رفع المضاف إليه, في أنه لا أصل يسوِّغه, ولا قياس يحتمله, ولا سماع ورد به. وما كانت هذه سبيله وجب اطراحه والتوقف عن لغة من أورده. وأنشدني أيضًا شعرًا لنفسه يقول فيه: كأن فاي. . . فقوي في نفسي بذلك بعده عن الفصاحة وضعفه عن القياس الذي ركبه. وذلك أن ياء المتكلم تكسر3 أبدًا ما قبلها, ونظير كسرة الصحيح كون هذه الأسماء الستة بالياء نحو: مررت بأخيك وفيك. فكان قياسه أن يقول: "كأن فيَّ" بالياء كما يقول: "كأن غلامي".

ومثله سواءً ما حكاه صاحب الكتاب من قولهم: كسرت فيّ، ولم يقل "فاي", وقد قال الله سبحانه: {إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ} 4 ولم يقل: إن5 أباي. وكيف يجوز إن أباي بالألف وأنت لا تقول: إن غلامي قائم, وإنما تقول: كأن غلامي بالكسر. فكذلك تقول: "كأن فيّ" بالياء, وهذا واضح. ولكن هذا الإنسان حمل بضعف قياسه قوله: "كأن فاي" على قوله: كأن فاه, وكأن فاك, وأَنْسى ما توجبه ياء المتكلم من كسر ما قبلها وجعله ياء.

فإن قلت: فكان يجب على هذا أن تقول: هذان غلاميّ, فتبدل ألف التثنية ياء لأنك تقول: هذا غلامي فتكسر الميم, قيل: هذا قياس لعمري, غير أنه عارضه قياس أقوى منه فتُرِكَ إليه. وذلك أن التثنية ضرب من الكلام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015