الخصائص (صفحة 397)

المجلد الثاني

باب في ترك الأخذ عن أهل المدر ك ما أخذ عن أهل الوبر

...

بسم الله الرحمن الرحيم

باب في ترك الأخذ عن أهل المَدَرِ كما أُخِذَ عن أهل الوبر:

علّة امتناع ذلك ما عَرَضَ للغات الحاضرة وأهل المدر من الاختلال والفساد والخطل, ولو عُلِمَ أن أهل مدينةٍ باقون على فصاحتهم1، ولم يعترض شيء من الفساد للغتهم, لوجب الأخذ عنهم كما يؤخذ عن أهل الوبر.

وكذلك أيضًا لو فشا في أهل الوبر ما شاع في لغة أهل المدَرِ من اضطراب الألسنة وخبالها وانتقاض عادة الفصاحة وانتشارها2، لوجب رفض لغتها وترك تلقي ما يَرِدُ عنها. وعلى ذلك العمل في وقتنا هذا؛ لأنا لا نكاد نرى بدويًّا فصيحًا. وإن نحن آنسنا منه فصاحة في كلامه لم نكد نعدم ما يفسد ذلك ويقدح فيه وينال ويغُضّ منه.

وقد كان طرأ علينا أحد من يدَّعي الفصاحة البدوية ويتباعد عن الضعفة3 الحضرية فتلقينا أكثر كلامه بالقبول له, وميزناه تمييزًا حَسُنَ4 في النفوس موقعه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015